Tuesday, March 27, 2012

من كتب هذا الكلام؟ عندما تكلّم الغليون!!ـ


"و من يقرأ الأدبيات السياسية العربية الأحدث، يدرك بسهولة الاختلاط العميق الذي يسيطر على الثقافة السياسية العربية  في ما يتعلق ب مفهومي الديمقراطية و الليبرالية و أحيانا عن استخدامها بمعنى واحد. بيد أن الأمر لا يتوقف على مجرد الخلط بين المفهومين و عدم ادراك الفرق بينهما و إنما يذهب أبعد من ذلك فيطابق بين الليبرالية و الديمقراطية أو ينزع الى تفسير الديموقراطية تفسيرا ليبراليا.
ولا يحصل ذلك بسبب معرفة قيم الليبرالية، بل نتيجة الاعتقاد بأن هذه القيم هي جزء لا يتجزأ من الديمقراطية أي من تأكيد قيم الحرية و العدالة و المساواة بين جميع الأفراد بوصفهم أفرادا أحرارا و أسياد أنفسهم خارج أي إكراهات مجتمعية أو حكومية.
من نتائج هذه المطابقة السلبية و المضرة بالديموقراطية نزوع من يطلقون على أنفسهم الليبراليين العرب، و انطلاقا من جعل الحرية الفردية قيمة مقدسة بل أحيانا الوحيدة، الى التضحية بقيم أساسية لا تستقيم الديمقراطية من دون احترامها. من هذه القيم: العدالة الاجتماعية و المساواة القانونية الوطنية المرتبطة بها و التضامن الاجتماعي. و منها، بالنسبة للمجتمعات العربية التي لم تنجح بعد في الخروج من سياق الهيمنة الاستعمارية، القيم الوطنية المرتبطة بمهام تحقيق أو حماية الاستقلال و السيادة الوطنية التي ركزت عليها النظم السابقة و بشكل خاص تجاه الدول الكبرى و في طليعتها الولايات المتحدة الأمريكية و أوروبا. و منها ما يتعلق بمسائل التأكيد على الهوية العربية و ما ارتبط و يرتبط بها من نزوعات إلى بناء مشاريع الوحدة أو الاتحاد أو التعاون الاقليمي الخاص بين البلدان العربية. و منها أيضا و أحيانا التضامن مع قضايا الأمة العربية و في مقدمتها القضية الفلسطينية.
نلاحظ أن الليبراليين العرب الجدد إنما يتخلون عن هذه القيم الانسانية العميقة و في مقدمتها التطلعات الاقليمية و الوطنية بتأكيد قيم احترام التنوع العرقي و الديني و التركيز على قضايا المعيشة و تحسين مستويات الدخل و التنمية و التعاون مع الدول الأجنبية من دون ايلاء اهتمام كبير لمسائل السيادة و الحساسيات الشعبية التاريخية. و يخشى أن تتماهى الليبرالية أكثر فأكثر في البلاد العربية مع التأمرك أو حب التماثل مع أمريكا و الاقتداء بنموذجها الاجتماعي"
.....
"و يهدد، لهذا السبب ذاته، بدفع المثقفين أو جزء منهم إلى تبني موقف يشبه موقف المنشقين عن الدولة و المجتمع، و من شأن هذا الموقف أن يقود أيضا الى تفاقم الشعور بالعزلة و التهميش، فهو يشجع لدى بعضهم المراهنة بشكل متزايد على التعاون مع القوى الخارجية، لا بل على التدخلات الأجنبية في سبيل تحقيق تحولات ديموقراطية فعلية داخل مجتمعات تبدو غير قادرة في نظرهم على تحقيقها بعناصرها الذاتية."
.....
"و قد يقود التطرف الليبرالي في ليبراليته الجديدة و ميله إلى جعلها معيار الحياة المجتمعية كافة الى عكس ما يهدف اليه، أي الى تهديد الذاتية الفردية، و فرض الوصاية و خلق الظروف التي تحول دون تعميم الحريات، دون تنظيم الحياة الاجتماعية على أسس من العدالة و المساواة و الاعتراف بمركزية الانسان و قيمه وجوده الأصيلة."

هذا الكلام من مقال بعنوان "الليبرالية و الديمقراطية في المنطقة العربية - خلط والتباسات" في مجلة بدائل (النسخة العربية من مجلة ايكولوجيست العالمية)، العدد الرابع، خريف 2005


للدكتور برهان غليون !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!ـ



هل هناك حاجة للمزيد من التعليق؟؟ـ


No comments: