Tuesday, January 22, 2013

اشتياق

حيرة ممتزجة بالهلع ... لم يفهم مشاعره المتناقضة في تلك اللحظة، كان يهرب بكل قوته ... و بنفس الوقت ... يتمنى  .. الفشل

استمر بالجري .. يتلفت خلفه و يدرك بأن الفقاعة تقترب منه ... استخدم كل قوته للتقدم .... و لكن

شعر بالبرودة تسري في جسده ... تنطلق من أسفل فقرة في الظهر 

هو استسلم تماما للخدر ... كما اعتاد أن يفعل في كل مرة ... يتكور كطفل في رحم امه .. بانتظار انفجار الفقاعة ... ثم .. بانتظار فقاعة اخرى ... أو العودة لما قبل بدء الحكاية


اشتياق - تصويري
Canon 60D -18-135mm 1:3.5-5.6

فراس محادين
بيروت 21 كانون الثاني 2013 

Thursday, January 17, 2013

انتحار

اجتاز بعض الشوارع الفرعية و تخلّص من الشعور بالمطاردة، كان يتأمل المارة،  وجوه حائرة، أخرى مليئة بالأمل، و أطفال ملؤها الدهشة ... شعر بحنين خاص لهذه الحياة ... للتفاصيل الصغيرة

لم يتوقف عن الالتفات الى الخلف بين الحين و الحين: "الهاجس اليومي تحوّل الى عادة لا أفارقها .. طقسي الخاص في رقصة الحياة و الحفاظ على البقاء" .. هكذا فكّر

"سأذهب اليها"، قال لنفسه ... بابتسامة أثارت فضول بعض العابرات بقربه، لم يهمه ذلك .. لم يهمه أحد على الإطلاق في تلك اللحظة ... طفلة دققت بهذا الرجل الكبير .. و اكتشفت بأن أقدامه كانت مرتفعة عن الارض .. كان يمشي بخفة لم تشاهد مثلها من قبل .. الطفلة استمرت في التأمل .. بصمت


عادت به الذاكرة الى اللقاء الأول ... صحفية طموحة مليئة بالتحدي ... اسئلة كثيرة وجهتها له، ليس بينها سوى رابط وحيد .... اسئلة مبعثرة ... كلها كانت حرجة ... إجاباته اقتصرت على المناورة حينها... كما يذكر


اللقاء الأول ترك الكثير من الالتباسات لديه .. و مع ذلك وافق على تحديد موعد اخر ... دون التفكير بسبب لتلك الموافقة


بحث عن هاتف عمومي لاجراء مكالمة ... أقنع أحد المارة بمساعدته ... و قام بمكالمة سريعة  قال خلالها الكلمات التالية: "احكوا للشباب انا كويس ... عندي مشوار ضروري .. لا مهرب منه"


كان يحمل فرحا من نوع خاص، صبيانية القدرة على الهرب و التملص من الرقابة الشديدة .. ممزوجة بفرح الفارس ... في طريقه اليها 


التقت به لعدد محدود من المرّات ... اختلسا بعض الاحاديث الجانبية في كل مرة ... مررا الرسائل الضمنية أحيانا كثيرة .. و الصريحه في بعضها .. سلسلة اللقاءات أصبحت ذكرى واحدة في وجدانه.. و كل لقاء يضيف مساحة جديدة ... سلسلة من المشاهد، لفيلم واحد .. و مشاهد وحيد


مع ذلك .. و مع كل لقاء ... الالتباسات أصبحت أيضا مركّبة .. فالاسئلة الحرجة في اللقاء الأول تحولت لأسئلة أكثر تحديدا ... خصوصا عند توجيهها لمن هو في مكانه ... و الخلفية الضبابية لتلك الصحفية وضعت الالتباس موضع الشك .. و لهذا لم يلتقيها وحده من قبل


لم يشعر بالتردد مطلقا عند قراره الهرب اليها، حدث ذلك هذا الصباح، كانت الفكرة تسيطر عليه تماما عند استيقاظه ... فتح عينيه  ...و بهدوء شديد.. جهز نفسه و ارتدى ملابسه ... قام بمناورة صغيرة ... و استطاع التملص من ظلاله التي ترافقه أينما ذهب ..


كان يعرف طريق منزلها ...كل خطوة تعرف طريقها كالخبير الذي مر على نفس الدرب مئات المرات .. حد العادة 


مع أنها زيارته الأولى لها .. و قد عرف عنوان منزلها بالصدفة، عبر حديث جانبي بينهما عن قصة بلا معنى تطرقت "لعنوان" المنزل ... لم يعرف وقتها ان كان ذلك رسالة ضمنية، أم مجرد صدفة بريئة، و لكن: "هل هناك ما هو صدفة بريئة في الحوارات الجانبية؟" .. هكذا فكّر


وصل حينها مدخل المبنى الذي تعيش به، و قال لنفسه: "هي حتما موجودة في المنزل الآن" .. رغم أن زيارته  غير متوقعه ... و رغم أنه لا يعرف فعلا جدولها اليومي 


شعرت بذعر شديد عند رؤيته عبر العين السحرية ... قررت التماسك و فتح الباب بهدوء ... وابتسامة

كان يقف أمام الباب وحيدا، استطاعت ملاحظة ذلك مباشرة، و مع ذلك .. قالت: "وحدك؟" 

"هربت من الجميع و جئت هنا" .. و ابتسم 


ابتعدت عن الباب و دعته للدخول .. كانا متقابلين .. وحيدين .. روحٌ و روح


بعد القبلة الأولى ... قبلة أخرى .. و قبلة 


انسحبت قليلا الى الخلف .. و هي تنظر نحو كل الأشياء إلا هو ... دخلت أحدى الغرف في المنزل لبضع ثوان


عادت و بيدها كاتم الصوت .. صوبته باتجاهه ... هو استمر بالنظر اليها بنفس الهدوء ... و أطلقت النار


هو ... كان يعرف بأن ما تبقى من الزمن قليل جدا ... قال: "أحبكِ" .. و هوى على الأرض


ركضت اليه ... احتضنته .. ابتسم ... بكت ... و رحل


أدركت بأنه اختار الحياة ... و بأنها..  قامت توها .. بالانتحار 




فراس محادين
بيروت 17 كانون الثاني 2013

Thursday, January 10, 2013

حول تجربتي في فيلم: عالباب

مشاركتي في ورشة سينما الشباب على موقع عين على السينما و الذي يديره الاستاذ أمير العمري، (يمكن قراءة المقال على الرابط الأصلي بالضغط هنا)

السيناريو:
خلال الدراسة في أكاديمية رأفت الميهي للسينما، كان المطلوب مني كتابة سيناريو فيلم قصير يعتمد على وحدة المكان (one location)، كما يعتمد على عدد محدود من الممثلين (3 – 4)، و لهذا كنت ابحث عن قصص تلائم هذه المعطيات، كما تلامس في نفس الوقت جانبا شخصيا يحفزني على التعبير عنه.


القصة الأصلية:
و لأني مهتم بشكل خاص بالقصة القصيرة (و هي برأيي الفن الأقرب للسينما)، بدأت عملية البحث، و قمت بتحضير عدة "معالجات" لأفلام قصيرة مبنيه على قصص قصيرة بالتشاور مع استاذتي (جيهان الأعسر)، و تم الاتفاق على معالجة (ع الباب).

الفيلم مستوحى من قصة "زاهية" لموفق محادين، و القصة تتحدث عن عالم مختلف تماما عن عالم الفيلم، ففي القصة الأصلية معتقل سياسي يخرج بعد فترة طويلة من الحبس في فترة السبعينات، لا يتوقف عن التفكير بحبيبته ... و ينتهي به الأمر بانتظارها لتزوره في منزل أحد الرفاق ... حيث لم يستطع أي من الرفاق اخباره بأن الحبيبة تزوجت و أصبحت في عالم مختلف ... و بعد مشهد انتظار قاسي جداو  ملئ بخيبات الأمل (طرق الباب من قبل مفتش الكهرباء و بياع الخبر الناشف و غيرها من الزيارات الغير متوقعه) .. حتى الوصول للمشهد الأخير في القصة، حيث تتم مواجهة البطل بالحقيقة ... و الانتظار في القصة الأصلية  ... الانتظار نفسه، هو للترويض على الاعتراف بالحقيقة ... و المضي قدما 

قمت ببناء الفيلم بالاعتماد على مشهد الانتظار، و اعتمدت على فكرة شريط "المكالمات" لسرد القصة (البداية، تاريخ الشخصية، النهاية) عبر شريط الصوت فقط، حيث "القصة" في الخلفية، و الشخصية في المقدمة


سبب اختيار "زاهية":
و أنا  أقوم بعملية البحث و الاعداد، كان العامل المشترك بين كل القصص التي عملت عليها هو: الانتظار و الزمن. و في حقيقة المسألة فإن اللوحة الأولى في الفيلم (قصيدة درويش: في انتظارك .. لم انتظرك .. انتظرت الأزل) تم اختيارها قبل اختيار قصة "زاهية" نفسها، و كنت أعمل حينها على قصة قصيرة مختلفة تماما من الأدب الألماني. و في تلك المرحلة ذهبت في زيارة الى عمّان، و طلبت من والدي بأن يقوم بقراءة مجموعة "المعالجات" التي أعمل عليها، فقام باخراج القصة من اوراقه القديمة، و هي مكتوبة بخط اليد .. و بمجرد الانتهاء من قرائتها، بدأت تتشكل لدي تصورات عن شكل "الفيلم" 


الفيلم:
  • استخدام فكرة "الة تسجيل المكالمات" كان نتيجة حلقات نقاش و عصف ذهني مع زملائي في الدفعة و اصدقائي الذين شاركوا ايضا في صناعة الفيلم، و هذه الفكرة كانت المقدمة للتوصل لـعماد الشخصية الرئيسية: الوسواس القهري و الاحتفاظ بكل الذكريات، أي السجن الطوعي في الماضي. 
  • الساعة: تتكرر في الفيلم لقطة الساعة، حيث تكون الساعة في بداية الفيلم 10:10 ... و في نهاية الفيلم أيضا 10:10، و في المنتصف الزمن يتحرك بكل الاتجاهات، الى الأمام و الخلف .. الهدف من كسر الزمن هو الايحاء بشكل ما أن ما يحصل ليس أحداث مستلسلة ليوم واحد... و بالتالي كسر العلاقة مع الزمن هو مقدمة لهذه الفكرة، لتعزيز الشخصية 
  • تمت صناعة الفيلم بميزانية محدودة جدا، و كان فريق العمل تطوعي (باستثناء التقنيين)، و كانت ميزانية الفيلم مقتصرة على استئجار معدات التصوير، و أجور التقنيين،  و استئجار ستوديو تسجيل الموسيقى، و بعض التكاليف الاضافية (طعام و شراب لفريق العمل، اكسسوارات .. الخ) 
  • تم التصوير على مدى يومين
  • اختيار مكان التصوير سبق عملية كتابة السيناريو، و هو منزل أحد الاصدقاء، فقط طلبت التصوير في منزلهم و حصلت على الموافقة قبل البدء في كتابة السيناريو، خصوصا و جغرافيا المكان من العناصر الأساسية في عملية السرد (ملاحظة: التصوير في المنزل كان تبرع من الأصدقاء و بلا مقابل)
  • موسيقى الفيلم مبنية على أغنية لفرقة "اطار شمع" بعنوان "اشارات استفهام" ، و تم الحصول على اذن استخدام الموسيقى من الفرقة (مجانا أيضا)
  • اعتمدنا تكنيك القصة المصورة ( story board )، و قمت برسم "سكيتشات" أولية لكل اللقطات، و ذلك لخلق نسق محدد في تكوين الصورة، و الاعتماد على هذا النسق في خلق "وحدة" في الشكل.
  • الفيلم هو تجربة الاخراج الاولى،  و تجربة الكتابة السينمائية الأولى ( و لم يتسن لي للأسف صناعة أفلام بعد ذلك، سوى الوثائقيات بحكم العمل)
  • عرض الفيلم في القاهرة (معهد غوته) وجنوب افريقيا و الولايات المتحدة الأمريكية، كما وضع تحت خانة "أفلام مميزة" في مكتبة مهرجان دبي السينمائي و مهرجان كليرمونت فيرون الفرنسي



Sunday, January 06, 2013

ع الباب




فيلمي: ع الباب
تمت صناعة الفيلم عام 2009 بميزانية محدودة، و كان أحد متطلبات التخرج من أكاديمية رأفت الميهي للسينما حيث درست


بانتظار الصافرة


وضعت الابريق الجديد على النار بكل سعادة و فخر، ابريق بصافرة اشترته زوجتي بعد حوادث "النسيان" و عدم الاكتراث  المتكررة ... و هي من صفاتي السيئة التي أعترف بها و أعاني منها في الكثير من الأحيان .. و قد تكرر مشهد الابريق المحترق في حياتي لدرجة جعلتني أدرجه في أول فيلم قصير قمت بكتابته و اخراجه و كان بعنوان:ع الباب ... و مع ذلك .. لم أجرب اقتناء الابريق بصافرة من قبل، أعتقد بأنه موقف "صبياني" أحمله ضد الكثير من "الأشياء" في هذا العالم ..

في السابق .. كنت اضع الابريق على النار من أجل فنجان قهوة، أو شاي .. أو حتى نسكافيه !! .. و بعد ذلك أكمل ما كنت أفعل من قبل ، سواء كنت أعمل ... أقرأ .. أو أكتب .. أتمرن على الغيتار ... أو أتصفح الانترنت .. أو أتحدث الى صديق ... و بسبب عادة النسيان و عدم الاكتراث، تكرر مشهد "الحريق" بعدد من المرات لا يمكن احصاؤها .. دون أية مبالغة 

أما الآن، فلدي الابريق الجديد .. بصافرة

وضعت الابريق على النار .. و عدت لمتابعة الاحداث التي سرقتني من كل شيء اخر كنت أفعله في الماضي ... لا أقرأ كثيرا هذه الايام، سوى المقالات و التحليلات و الاخبار .. و أعود لأصول الكتب في بعض الاحيان لمراجعة بعض المفاهيم ... و هذه ليست "ثقافة" ... بل قلق !! 

على كل الاحوال .. وضعت الابريق على النار و عدت الى هنا .. و المفارقة أن قلقي على الابريق أصبح مضاعف ... و انتهى بي الامر واقف الى جانب الابريق .. بانتظار الصافرة !!


فراس محادين
بيروت 6 كانون الثاني 2013 


Friday, January 04, 2013

في الذاكرة - 1


أذكر في طفولتي الطابور الصباحي في المدرسة .. في المرحلة الابتدائية .. الأردني الوحيد في المدرسة، عمري لا يتجاوز ٩ سنوات ... حيث كنت يوما ما "رفيق طليعي" قادر على أداء المشية و التحية العسكرية .. أقف في الطابور الصباحي لأرد على نداء المديرة:ـ

أمة عربية واحدة 
-ذات رسالة خالدة

أهدافنا
- وحدة حرية اشتراكية 

أذكر النشيد الوطني السوري ... الذي كنت أردده كل صباح و أحفظه .. في القلب:  

حماة الديار عليكم سلام .. أبت أن تذل النفوس الكرام
عرين العروبة بيت حرام .. و عرش الشموس حمى لا يضام 
ربوع الشآم بروج العلا .. تحاكي السماء بعالي السنا
فأرض زهت بالشموس الوضا .. سماء لعمرك أو كالسما
رفيف الأماني و خفق الفؤاد .. على علم ضم شمل البلاد
أما فيه من كل عين سواد .. و من دم كل شهيد مداد
نفوس أباة و ماض مجيد .. و روح الأضاحي رقيب عتيد
فمنا الوليد و منا الرشيد .. فلم لا نسود ولم لا نشيد

سوريا .. صباح الخير

فراس محادين
بيروت / 4 كانون الثاني 2013