لم أشعر بالغربة
في أية مدينة .. كما أشعر ببيروت، لا أعرف
لماذا .. الناس تتكلم نفس اللغة ... و لها نفس الروح .. و مع ذلك، أتنقل بها و
حقيبتي تحمل مفتاح البيت القديم .. و جواز السفر .. و كأنني بانتظار رحلة هروب
مفاجئة .. و في أية لحظة
أنا هنا لأبقى .. أعرف ذلك تماما ... و أقبله .. أقبله لأجلها ... هي
أشعر بالغربة
عندما أفتح الخزانة، الترتيب المؤقت لأشيائي.. زجاجة النبيذ المعتقة من صديقة
فرنسية ... و سرّي الصغير الذي أشاركه مع القليل من الأصدقاء المقربين .. هو سرُّ
لن يضّر بأحد .. بعض الكلمات، و القليل من الموسيقا، و الذكريات .. و الخيال
كم أحسد الغجر على
روحهم، و أعشق ترحالهم كطفل أمام حكاية الجدّة، أشعر بأنني لا أعرفهم ... وأخسر جزء من غروري .. فقد اعتقدت بأنني مثلهم
تماما .. قبل هذه الغربة
و لا أحسد البدو
مطلقا .. عذرا أيها الصحراء .. سمعت عنك كثيرا ... و قرأت عنك أكثر.. و لكنني لم
أجد نفسي البتة كالجوابين على أطراف الوديان أقتفي أثر الثعالب.. لا اطيق الرمال
بلا أفق، و أحب الشمس، و لن أفسد العلاقة معها.. عذرا أيها الصحراء .. فلم أقم
بالتجربة حتى اللحظة.. و الصحراء في الأدب كما في السينما ... قاسية .. لا رحمة
فيها... و لون واحد
نعم أشعر بالغربة ... هي لحظات قليلة على كل حال، و سأعود لرحلة اكتشاف المكان، و اكتشاف الذات ..
محزنة غربتنا عن المكان .. كما هي محزنة .. الغربة في كل منّا
فراس محادين
بيروت – 16 اذار
2012
No comments:
Post a Comment