Wednesday, March 21, 2012

غربة


لم أشعر بالغربة في  أية مدينة .. كما أشعر ببيروت، لا أعرف لماذا .. الناس تتكلم نفس اللغة ... و لها نفس الروح .. و مع ذلك، أتنقل بها و حقيبتي تحمل مفتاح البيت القديم .. و جواز السفر .. و كأنني بانتظار رحلة هروب مفاجئة .. و في أية لحظة

أنا هنا لأبقى .. أعرف ذلك تماما ... و أقبله .. أقبله لأجلها ... هي

أشعر بالغربة عندما أفتح الخزانة، الترتيب المؤقت لأشيائي.. زجاجة النبيذ المعتقة من صديقة فرنسية ... و سرّي الصغير الذي أشاركه مع القليل من الأصدقاء المقربين .. هو سرُّ لن يضّر بأحد .. بعض الكلمات، و القليل من الموسيقا، و الذكريات .. و الخيال

كم أحسد الغجر على روحهم، و أعشق ترحالهم كطفل أمام حكاية الجدّة، أشعر بأنني لا أعرفهم ...  وأخسر جزء من غروري .. فقد اعتقدت بأنني مثلهم تماما .. قبل هذه الغربة

و لا أحسد البدو مطلقا .. عذرا أيها الصحراء .. سمعت عنك كثيرا ... و قرأت عنك أكثر.. و لكنني لم أجد نفسي البتة كالجوابين على أطراف الوديان أقتفي أثر الثعالب.. لا اطيق الرمال بلا أفق، و أحب الشمس، و لن أفسد العلاقة معها.. عذرا أيها الصحراء .. فلم أقم بالتجربة حتى اللحظة.. و الصحراء في الأدب كما في السينما ... قاسية .. لا رحمة فيها... و لون واحد

نعم أشعر بالغربة ... هي لحظات قليلة على كل حال، و سأعود لرحلة اكتشاف المكان، و اكتشاف الذات ..

محزنة غربتنا عن المكان .. كما هي محزنة .. الغربة في كل منّا

فراس محادين
بيروت – 16 اذار 2012

No comments: