Saturday, October 26, 2013

ملاحظات حول حروب "الصورة" الأمريكية


  •  تدرك الإدارات الأمريكية المتعاقية أهمية و خطورة "الصورة" ... كأخطر أداة في تشكيل الوعي ... خصوصا في عصرنا هذا
  • تُستخدم الصورة في بعض الأحيان كسلاح للتأثير في "الداخل" (أي الجمهور الأمريكي أحيانا) .. كما تستخدم للتأثير في "العدو" (أي جمهور المنطقة المعادية*)
  • مفهوم الصورة يشمل "الفوتوغرافيا" .. و "الصورة التلفزيونية" .. و "الصورة السينمائية" ... و بالضرورة .. يستمر هذا المفهوم للوصول في المحصلة الى "الصورة اللغوية" .. فاللغة هي أعمق مفاتيح المعرفة ... بل .. جوهر المعرفة الانسانية نفسها
  • ترافقت معظم الحروب الأمريكية مع "صورة" .. أو "مجموعة صور" ... استخدمت كسلاح "فعّال" و مؤثر في هذه الحروب ... و سأضع هنا مجموعة من الأمثلة، لتوضيح "الاستخدامات" المختلفة ... لحروب "الصورة" الأمريكية

1 . صورة "رامبو" الأمريكي .. القاتل ... المنتصر .. وحده .. في رسالة الى جمهور "الداخل"، بعد هزيمة محققة في فييتنام .. لتعويض "الانكسار" النفسي و المعنوي و تخفيف آثار الهزيمة 


كما تم استخدام صورة "رامبو" الأمريكي مرة أخرى ... في "افغانستان" .. و لكنه كان هذه المرة "قائد" لمجموعة من "مقاتلي" الحرية ... لمواجهة "الشيطان" السوفييتي الأحمر ... و هي أيضا رسالة لـ "الداخل" .. لتبرير هذه الحرب و الحصول على التعاطف مع دعم "الميليشيات" الاسلامية المتطرفة في تلك المنطقة !!!


2. صور لمظاهرات "منظمة الطلبة الصربيين (اوتبور) و هي تحاصر البرلمان اليوغوسلافي، بالترافق مع صور المجازر في الغابات الباردة ضد مدنيين عزل، أبادة "عرقية" ... من طرف واحد .. ينفذها بقايا الشيوعية في أوروبا، بعد سقوط الاتحاد السوفييتي ببضع سنوات فقط ! ... لشراء "الصمت" على قصف يوغوسلافيا و تحطيمها، و تقسيمها، ووضع البقايا المتناثرة في يد حلفاء ضعفاء لأمريكا، للحفاظ على أسعار مقبولة في محطات "البنزين" للمستهلكين! ـ



3. تم استخدام "صورة" أبراج مانهاتن ... لتعبئة الرأي العام الأمريكي، و من ثم تبرير غزو أفغانستان، و التواجد العسكري المباشر في قلب خطوط النفط .. على أطراف خطوط الغاز. صورة "قصيرة" المدة لعدوان على الداخل، على الشاشات الأمريكية المختلفة، لخلق أكبر حالة ذعر ممكنة ... من الشيطان "الملتحي" .. هذه المرة .. المدجج بطائرات و مفخخات بحثا عن "الحورية"!!ـ





هذا و يجدر التنويه الى نظرية تم تبنيها من قبل الكثيرين في العالم، من الباحثين و ضباط الاستخبارات السابقين و المحللين .. بأن هذه الصورة "مصنّعة" في الداخل (inside job) بدقة و عناية شديدين، و هي نظرية وجدت طريقها حتى للسينما، و اذكّر هنا بفليم مايكل مور الشهير "فهرنهايت 9/11" ... الذي تحدّث فيه عن تورّط الاستخبارات الأمريكية مع المجموعات الارهابية المسلحة في تلك الحادثة، بالاضافة لافلام أخرى تحدثت عن الـ "controlled demolition" لشرح كيفية انهيار البرجين، و بشكل يتطابق مع كل نظريات "الهدم " العلمية**، التي يتقنها المهندسين في تلك البلاد، عند اضطرارهم هدم الابراج و الأبنية المرتفعة، عند الحاجة لذلك، لبناء مباني أخرى مكانها !ـ
وهنا علينا التدقيق، لأن "الصورة الخاطفة" للعدوان على الداخل، بالصدمة التي تحملها، تشكّل نقطة "تحوّل" حقيقية، من "التحالف" مع "مقاتلي الحرية" الملتحين، و تحوّلهم الى شياطين مجرمة، تمارس العنف و القتل و التفجير .. بشكل عبثي و عشوائي .. دون أي تمييز


4. صورة تمثال الرئيس الشهيد صدام حسين، متلفحا بالعلم الأمريكي، و من ثم اسقاط التمثال مع بعض الخونة من "الكومبارس" لتنفيذ المسرحية ... و لاتمام "الصورة" ... تم نقلها عن محطة "عربية" مشهورة جدا اسمها "الجزيرة" ... لاقناع "الداخل" الأمريكي بأنها حرب "تحرير" الشعب العراقي من الديكتاتورية !!ـ

و النتيجة معروفة للجميع، التواجد العسكري المباشر في أرض غنية بالنفط، الاقتراب من الجائزة الكبرى "ايران"، و السيطرة على خطوط الغاز الجديدة، بالاضافة الى حماية أمن "اسرائيل" .. و هي من أهم "الأولويات" الأمريكية





5. صور فوتوغرافية تم تسريبها من سجن أبو غريب في فترة الاحتلال الأمريكي للعراق، و يلاحظ في هذه الصور المظاهر الحيوانية البشعة، و الشكل "الايقوني" القادر على "التأثير" عميقا في الذاكرة

و سأتوقف قليلا عند هذه الصور، التي ترافق تسريبها مع صور عشرات و مئات التوابيت المغطاة بالعلم الأمريكي، و التي كانت تنتشر بسرعة كبيرة .. و هنا يمكننا فهم هذا التسريب كمحاولة لاستعادة صورة "رامبو" - الكاوبوي .. القاتل... القادر على "اذلال" عدوه ... هربا من "هزيمة" نفسية أصبحت أمرا واقعا لدى جنود المارينز و حالات الانتحار و المصحات النفسية المليئة بهم !ـ

و من يعتمد على صورة كـ "رامبو" .. لا يستغرب منه الاعتماد على صور بهذه الفظاعة و هذا الانحطاط، و لهذا كان من المفيد نشر هذه الصور، و تثيبتها في الوجدان الجمعي للانسانية، لربط الادارة الامريكية بهذا الانحطاط الانخلاقي

و في المقابل، استفادت الولايات المتحدة الأمريكية من "تجميد" صورة المعتقلات الأمريكية في العراق (و حول العالم) .. باعتبارها مراكز للتعذيب ... و في المقابل تم "التعتيم" بالكامل على ما كان يجري في هذه المعتقلات ... من تجنيد الارهابيين و تحوليهم الى قتلة مأجورين و سلاح يمكن توجيهه لضرب كل الدول "المعادية" ـ


6. الصورة الشهيرة لشخص أمريكي يتم قطع رأسه بشكل وحشي في العراق .. و للمفارقة .. وهو يلبس البدلة "البرتقالية"، تماما كـ ضحايا ابو غريب، و تلك الصورة استخدمت داخليا لتبرير صور "ابو غريب" ... بل و شرعنة تلك الصور في الوجدان الأمريكي ... كما عملت على تشويه "المقاومة" لدى جمهور "العدو" .. و تحويلها لمجموعة من الارهابيين، و المجرمين .. و القتلة


7. حرب الصورة في سوريا، حيث استخدمت الولايات المتحدة كل ثقلها، و شغّلت الاعلام العالمي لتوظيف "الصورة" بكل الاشكال الممكنة، ذهابا و ايابا .. ابتزازا و تراجعا ... و من الصور الكثيرة جدا في حرب الصورة الأمريكية على سوريا، سأضع بعض الأمثلة: ـ
- صور "ثوار الربيع العربي" المفبركة و المصنّعة ..
- الى صور القتلى التي كانت العنوان الرئيسي للمرحلة الاولى من الحرب لتبرير هذا العدوان، و التي كانت تهدف "داخليا" لجلب تعاطف الجمهور الأمريكي مع دعم "الملتحين" مرة اخرى !!
كما كانت تهدف لدى "العدو" (نحن) خلق حالة تجييش و انقسام مذهبية و طائفية و اجتماعية
- صورة المجرم آكل القلوب، و التي ظهرت بتوقيت عجيب يترافق مع بداية التراجع الأمريكي، و كأنها شكلت "مبررا" و ذريعة و حجة لهذا التراجع

بالاضافة لغير ذلك من الصورة الكثيرة، و التي كانت تخدم "اللحظات" السياسية و العسكرية المختلفة، و التي احتاجت لأثر نفسي مختلف .. في كل مرة 

  • أود في الملاحظة الأخيرة، التنويه الى الخطورة الحقيقية خلف حروب الصورة الأمريكية، فهي بالاضافة الى كونها من أدوات "الحرب" ... و لكنها في الوقت نفسه تعمل على اعادة انتاج "الوعي" بأكمله، سواء لدى جمهور "الداخل" الأمريكي، أو لدى الفئات المستهدفة الأخرى في العالم، و نلاحظ جميعنا بأن صورة "القتل" و الموت و التنكيل بالجثث قد أصبحت حدثا مقبولا و بشكل يومي .. و قد نجح "الكاوبوي" بنشر ثقافته الاجرامية في العالم بأسره .. الى جانب الوجبات السريعة ... و لكم تخيل مستقبل البشرية .. بعد تحميلها بكل هذه "الصور" .. و انحراف الوعي بشكل قياسي نحو الاجرام ... بالضبط كما كان المجتمع الأمريكي في مرحلة التأسيس لهذه الامبراطورية 

فهل تستطيع الانسانية مواجهة حروب الصورة و اثارها الكارثية طويلة المدى؟؟ كقنابل هيروشيما و ناجازاكي الذرية، ولائحة طويلة بالجرائم .. مرورا بالفوسفور الأبيض في الفلوجة، و لا تنتهي بالكيماوي التركي-السعودي في سوريا؟؟ ! ـ

أم هي النهاية؟ ـ

فراس محادين
بيروت في 26/10/2013


هوامش:

* الشعوب المعادية بالنسبة لأمريكا، هي الشعوب المتواجدة في الدول، و الأماكن و المناطق .. حيث يجب تحقيق المصالح الأمريكية .. بالقوة .. كما دائما

** لمشاهدة فيلم وثائقي عن عمليات "الهدم المبرمج" و ربطها بتدمير أبراج مانهاتن:



Sunday, October 20, 2013

ذاكرة ملتبسة


في كل جيل، هناك حرّاس للذاكرة ... كما هناك ... من يخونها 

و لذلك، قد يبدوا التاريخ ملتبسا، و عند التدقيق ... سندرك بأن هذا الالتباس هو حالة مؤقتة فقط !!ـ

Thursday, October 17, 2013

أمم


خير الأمم .. من يقودها .. خيرها

فراس محادين
بيروت في 17 تشرين الأول (اكتوبر) 2013 

Wednesday, September 25, 2013

هنا دمشق

تصوير: فراس محادين

مونتاج: فارس خليل

موسيقا تصويرية
تأليف: فراس محادين
غيتار: فراس محادين
ايقاع: أحمد الخطيب
تسجيل استوديو: أحمد الخطيب

مساعد مخرج: سعد حسكيرو 

اخراج: فراس محادين

الميادين 2013




Monday, July 29, 2013

القاهرة 30 يونيو








انتاج: قناة الميادين 2013 

تصوير و اخراج: فراس موفق محادين

مونتاج: 
أيمن نحله
حسين مزهر

Friday, July 12, 2013

مدينة الحكايات: بورشهيد






تصوير: 
فراس موفق محادين
ماجد عبد العزيز

مونتاج:
فارس خليل

موسيقى تصويرية:
فراس موفق محادين

مساعد مخرج:
سيد أبو العز

إخراج:
فراس موفق محادين




مدينة الحكايات: بورجمال





تصوير: 
فراس موفق محادين
ماجد عبد العزيز

مونتاج:
فارس خليل

موسيقى تصويرية:
فراس موفق محادين

مساعد مخرج:
سيد أبو العز

إخراج:
فراس موفق محادين



Tuesday, June 11, 2013

المعركة القادمة في اليمن... لماذا ؟ و ماذا عن الأردن؟ ـ

(مع الاعتذار عن الاطالة) 

حقيقة المعركة انكشفت للجميع، و هو صراع كوني في لحظة أزمة كبرى و عاصفة تمر بها الولايات المتحدة، أزمة داخلية اقتصادية مضاف اليها ازمات عسكرية و سلسلة من الهزائم، و مجتمع هش قابل للانفجار في أية لحظة

أزمة دفعت الولايات المتحدة التقدم "أكثر" في حروبها الاستباقية، بشكلها "الناعم" .. بعد افلاس الخيارات العسكرية، و الهزائم المتتالية

و في هذا السياق فقط، يمكننا فهم "الربيع العربي"، و هو الحراك الواسع الذي حركته أذرع مرتبطة بالولايات المتحدة الأمريكية مباشرة (مثل 6 ابريل، ووائل غنيم، و الاخوان المسلمون) و غيرهم من الادوات و الأحذية، بعد انشاء "سور حديدي" اعلامي سيطر على المشهد و العقول لفترة من الزمن

و ها هو فشلهم في سوريا ماثل أمامنا، و صمود الدولة السورية (النظام و الجيش و الشعب) شلّ تقدم المشروع الأمريكي في المنطقة، و ها هم العملاء يتساقطون واحدا تلو الآخر، و بسرعة صاروخية لم يتوقعها سوى أكثرنا تفاؤلا .. و عقلانية 

و علينا هنا تحليل المعركة و اطرافها بوضوح، لاستكمال الصورة بشكل واضح، و هي معركة استقطاب حاد، و فرز عنيف لمعسكرين واضحي الملامح .. لا لبس فيهما:ـ 

المعسكر الأول: القوى الصاعدة في العالم، روسيا و الصين و منظومة البريكس، و محاور الممانعة الاقليمية (سوريا-ايران)، و قوى المقاومة العسكرية و الثقافية و الشعبية

المعسكر الثاني: الولايات المتحدة الأمريكية و الدول الاوروبية، الكيان الصهيوني و الرجعية العربية و قوى العمالة على اختلافها 

و هنا يجب التنويه، بأن أول ملامح الهزيمة، هي التفكك، و لهذا نقول بأن محور الامبريالية دخل في مرحلة الهزيمة بسبب ملامح التفكك التي أصبحت واضحة مثل:ـ 

- الانسلاخ بين الموقف الامريكي و الموقف الفرنسي و الانجليزي، و هنا فرنسا و انجلترا هم الخاسر الأكبر في هذه اللعبة، و قد قامت الولايات المتحدة الأمريكية بذلك بالتخلي عن "أهم" حلفائها .. في العالم .. للحفاظ على "الحد الأدنى" من الخسائر ... و لتحقيق ما قاله وليد المعلم .. بشطب اوروبا عن الخارطة السياسية ... و قد صدق

- الصراع "السعودي-السعودي" داخل منظومة الحكم نفسها، و يعرف الجميع بأن هناك انقسام حاد داخل منظومة الحكم حول المسألة السورية، و هنا أتوقع النهاية السياسية بالحد الأدنى لبندر بن سلطان ... و في وقت قريب جدا 

- الصراع السعودي-القطري، وهو صراع يحمل اشكال مسلحة شهدتها ساحات القتال في سوريا، بين فصائل المعارضة المختلفة المرتبطة بكل من السعودية و قطر

- الهزة الكبيرة التي تعرض لها التنظيم العالمي للاخوان عبر مظاهرات تركيا، و هو ما سيضعف قطر في الفترة القادمة، وهو يقوي ما ذهبت اليه مسبقا حول مستقبل بندر، خصوصا بعد معركة حلب القادمة

- حركة الاحتجاجات العربية في بلدان "الربيع" .... تونس و مصر .. و تهديد المشروع الوهابي بنهاية باتت وشيكة

نحن نتحدث اذن عن محور يتفكك، و لهذا علينا البحث عن البدائل الأمريكية

في المنطقة، المحور السوري أثبت حضوره رغما عن الجميع ... و سيبقى النظام بسقفه الأعلى، و بشروطه، ما يضع أمريكا أمام خيارين:ـ 
أولا: التدخل العسكري المباشر
ثانيا: التراجع و الانكفاء و الاعتراف بالواقع الجديد

و الخيار الثاني، هو الخيار الأمريكي لاستحالة الأول، و دخول روسيا و الصين على الخط بكل ثقلهما، و هم يدركون .. بأن الولايات المتحدة لا تستطيع تحمل كلفة حرب عالمية، و تدرك الولايات المتحدة بأن احتمالات الهزيمة اكبر بكثير من احتمالات الانتصار، و بأن ذلك .. يعني خروجها من التاريخ .. الى الأبد ... و لهذا .. هو خيار مستبعد .. في هذه المرحلة

و لهذا، يصرّح الأمريكان ليل نهار، بأن خيار ارسال جنود للمنطقة من أجل "القتال" غير وارد على الاطلاق، و بهذا نتحدث عن تراجع أمريكي، و رعب "اسرائيلي"، و محاولة ارساء قواعد جديدة في المنطقة، و محاولة تشكيل شبكة أمان "اسرائيلية" تحيط بالحدود السورية في الشمال و الجنوب عبر نشر "الباتريوت"، لتأمين "الكيان"ـ

ما البديل؟ أمريكيا؟ 

في مقابل الهزيمة في المحور السوري، و هو ما سينعكس بالضرورة على تشكيل منظومة من خطوط النفط و الغاز تمتد من بحر قزوين شمالا وصولا للمتوسط، منظومة معادية للولايات المتحدة و مصالحها، ما سيدفع الولايات المتحدة للبحث عن "بدائل" تضمن فيها "خطوط بديلة" منافسه .. تبقي على وجودها و سيطرتها السياسية و الاقتصادية ... بالحد الأدنى

من بحر قزوين، الى المتوسط - الخط الأخضر

بعد الانسحاب من العراق، و بقاء بعض العملاء المزدوجين في المشهد السياسي، و البلاك ووتر على الأرض، بالتحالف مع القاعدة و التمدد "الوهابي" الذي عملت عليه أمريكا في الفترة الماضية و استطاعت أن تغزو حتى حزب "البعث" بالوهابية، و لكن في العراق يبقى المشهد أكثر تعقيدا، و هناك اكثر من لاعب في الساحة العراقية، و التوازن في العراق يميل أكثر ناحية "البريكس" و التأثير الايراني الاقليمي

و سنجد بأن التواجد العسكري الأمريكي المباشر هو الان في الخليج، بالاضافة للثكنة العسكرية الصهيونية، و ما بينهما: التواجد العسكري الأمريكي المباشر و المعلن في الأردن

و هنا نتحدث عن منظومة أمريكية ممتدة من خليج العرب شرقا، وصولا للمتوسط على شواطئ تل أبيب

و للبحث عن "مفاصل" السياسة، علينا دوما التركيز على "مفاصل" خطوط التجارة.. البرية و البحرية و الجوية ... و خصوصا الممرات البحرية التي رسمت خطوط التاريخ في كل مرة

و سنجد هنا، بأن المفاصل الرئيسية .. التي لم يحسم أمرها بعد هي التالي:ـ 

الأردن: ممر بري (حتى اللحظة تحت السيطرة الأمريكية)
خريطة توضح قناة "البحرين"

قناة السويس: ممر بحري و التي يقوم الاخوان في مصر ببيعها، من خلال قانون "اقليم" قناة السويس الذي يفصلها فعليا عن الادارة السياسية و القانونية للدولة، في التزامن مع تراجع و انكماش الحضور المصري في المنطقة، و التعدي على نهر النيل من قبل الدول الافريقية دون حساب، و فتح جبهات مختلفة مع مصر، لابعاد النظر عن الكيان الصهيوني، و التمهيد لمشروع قناة البحرين الذي يربط البحر الابيض المتوسط بالبحر الأحمر داخل الكيان الصهيوني .. بديلا عن قناة السويس 
قناة السويس و امتدادها للبحر الأحمر و باب المندب


باب المندب (اليمن): ممر بحري و الذي يصل البحر الأحمر بالمحيط الهندي
باب المندب

و بالنظر الى "محصلة" الصراعات في المنطقة، و تشكيل خط "الحرير الجديد" مرة أخرى، أو خط البريكس، الممتد كما أسلفت من قزوين شمالا، وصولا الى شواطئ البحر الأبيض المتوسط

هناك خط أمريكي موازي مركزه السعودية ممتد من اقصى الخليج شرقا وصولا للبحر الأبيض المتوسط، مدعم بضعف الدولة المصرية، و مشروع "طموح" يحتاج لبعض الوقت لتنفيذه، و هو مشروع قناة البحرين

و تركيا المهزوزة بحاجة لبعض الوقت .. لحسم مواقعها الاقليمية، فهل يبقى أردوغان، و تبحث أنقره صيغة "تشاركية" مع "ال سعود" في الخط الأمريكي؟ بالتوازي و التكامل مع نابوكو؟ـ 

الصراع في تركيا .. بوضوح .. هو صراع على خط "نابوكو" الاوروبي، و انتهاء أردوغان، قد يعني نهاية نابوكو ... و قد يعني انضمام تركيا للبريكس، أو بالحد الأدنى تحولها لـ "منطقة" توازن استراتيجي ... أي: خط "تهدئة" سياسي، ونقطة  تشارك اقتصادي على مسافة واحدة من الاقطاب العالمية، و تركيا مؤهلة للقيام بهذا الدور لاسباب متعلقة بالجغرافيا السياسية التركية، و كونها الملتقى التاريخي بين الشرق و الغرب، في لحظة تاريخية مناسبة لذلك، إن كان هناك عقل سياسي في الجيش التركي قادر على التقاطها، و الظروف الموضوعية على ما يبدو... تذهب في هذا الاتجاه

اذن، ما هي أقصى الأولويات للولايات المتحدة الأمريكية، لتأمين مصالحها؟ 
خصوصا بعد شرح المعطيات الاقليمية أعلاه

في اليمن صراع على كل الصعد، الصراع السعودي-القطري على أشده، حركة الاخوان تلعب على جميع الحبال متمسكة بالحليف "الأمريكي"، ظهور للقاعدة و سيطرة مرعبة، قوى الجنوب متخبطة و ليس لديها برنامج واضح، المعارضة معارضات، و النظام أنظمة

صنعاء بيد الاخوان، و الجنوب مقسوم بين القاعدة و بين مجموعات "استقلال الجنوب" .. و في الشمال الحوثيين و الصراع على أشده، و الاستعراض العسكري المتبادل ما بين ايران و الولايات المتحدة في المياه الدولية يشي بطبيعة الصراع هناك

لا يمكن .. برأيي .. أن تقبل الولايات المتحدة بتعريض هذه المنطقة الحساسة لخطر الخروج من سيطرتها، و لهذا لن تقبل باستمرار هذه الفوضى دون تعزيز تواجد عسكري كبير و معلن يسيطر على باب المندب، و لهذا أتوقع المعركة القادمة في تلك البقعة، و هي معركة برأيي، ستنطلق بعد نهاية المعركة في سوريا، و هي نهاية اقتربت كثيرا

كما أن تعزيز التواجد العسكري الأمريكي في اليمن... سيكون الأقل تكلفة، و لن تتجاوز المعارك في المحيط الهندي بعض المعارك البحرية "التكتيكية" المحدودة ... بأقل الخسائر .. و قد يقبل الخصم الروسي-الصيني-الايراني-السوري بخسارته هناك .. في مقابل تنازلات أمريكية كبرى ... في منطقتنا

ما يبقي السؤال الأهم و الأخطر: ما هي آفاق الصراع السوري-الصهيوني ؟ ـ
حيث يدرك الجميع وصول المنطقة للتوازن الاستراتيجي العسكري و السياسي بين سوريا و الكيان الصهيوني، توازن عسكري مقرون بدمار كبير اصاب الكثير من البنية التحتية السورية، كل المؤشرات تؤكد حتمية المعركة بين سوريا و الكيان الصهيوني، و هي معركة قد لا تكون بعيدة، و لكنها خارج الحسابات الحالية لجميع الأطراف، و تذهب التقديرات كلها الى أن الحرب المفتوحة قد تدخل حيز التنفيذ خلال 5 سنوات، بعد نهاية الولاية الحالية للرئيس الأمريكي، و عودة الصقور الى الحكم، بعد محاولة تأمين "مصالح" الولايات المتحدة في المنطقة، و تحديدا تأمين منطقة الخليج

ما يضعنا أمام التساؤل التالي: ما هو دور الأردن في هذه الفترة؟؟ ـ 
هل تستطيع الولايات المتحدة تمرير مشروع الكونفدرالية و تسوية "الحل النهائي" عبر عملية تبادل الأراضي؟ـ 
هل يستطيع النظام الأردني الاستمرار في "المناورة" لخمس سنوات على سبيل المثال ؟؟ـ 

و هنا يجب التحذير، بأن المشروع الأمريكي في الأردن هو تفكيك "بنية" الدولة، و اعادة انتاج المجتمع و الدولة بما يتلائم مع مشروع "الكونفدرالية" و تحويل الاردن و الضفة الغربية الى مجال حيوي "اسرائيلي" ... و غزة الى منطقة عازلة و مجمع سكاني أعزل

و لهذا نقول، للمرة الألف ... ان كل يوم يمر باستمرار الدولة الاردنية في هذه "المناورة" .. يعني مباشرة تعريض أمن المواطن الأردني للخطر، و تعريض لقمة عيشه للخطر .. و تعريض الأمن الوطني الأردني للخطر .. و تعريض وجود "الدولة" بحد ذاتها .. للخطر 

و هذا نداء واضح للمعنيين .. بحسم المسألة ... و فك الارتباط مع الولايات المتحدة و الكيان الصهيوني... و التوجه شرقا و البحث عن مصالح الاردن عبر تحالفات اقليمية مع العراق و سوريا للحفاظ على مصالح الاردنيين، و التحالف دوليا مع "البريكس" .. بعيدا عن توجيهات الولايات المتحدة الأمريكية ... التي لم نحصل منها سوى على الجوع ... و الفقر .. و النهب و الدمار!

فراس محادين
بيروت 11 حزيران (يونيو) 2013

Tuesday, June 04, 2013

جدار فصل وهابي


لمن يستخف بالارتباط الايديولوجي بين "الاسرائيليات" و بين الأفكار الوهابية، انظروا الظواهر التالية: 

أولا: مجموعات وهابية تقاتل في الجولان بالتنسيق مع الصهاينة و تتلقي منهم العلاج و السلاح و الدعم .. الخ

ثانيا: مجموعات وهابية موجودة في سيناء و تقوم بعمليات ضد الجيش المصري 

ثالثا: مجموعات وهابية في لبنان تقاتل المقاومة اللبنانية التي قصمت ظهر الصهاينة

و قريبا: مجموعات وهابية في الأردن تحمل السلاح لتحطيم فكرة "الدولة" .. من الأساس

ما يحصل فعليا، هو محاولة "اسرائيل" تطويق نفسها داخل "جيتو" وهابي، حيث تقوم تلك المجموعات "الاسرائيلية" بخلق منطقة عازلة، جدار فصل وهابي .. خط الدفاع الأول لحماية هذا الكيان

الحل السوري لمواجهة تلك المسألة هي اعلان القيادة فتح جبهة الجولان للمقاومة، و هو ما يُسقِط .. أخلاقيا ... التواجد الوهابي .. كما يعلن بداية النهاية لتواجدهم عسكريا 

واعلان بعض الفصائل الفلسطينية الانخراط في تلك الجبهة، بالاضافة الى اعلان قيادة حزب الله الدعم لها يعيد ربط قضية الجولان، بقضية الاراضي العربية اللبنانية و الفلسطينية .. و هو الخط الأحمر الاستراتيجي الذي حافظت عليه دمشق في كل مراحل الصراع السوري-الصهيوني... و هو فعليا ... الأخطر .. و الأكثر أهمية

و في لبنان، ترتبط المعركة بما يحدث في سوريا، الترابط الوثيق بين الظاهرتين حتمي، لأسباب موضوعية و عملية، عسكرية و ميدانية و سياسية .... بل و جغرافية

و لهذا حتمية النهاية المتزامنة للوهابية في كل من لبنان و سوريا، و الميزان العسكري في كلا البلدين يميل بكل قوة لمصلحة المقاومة ... الى جانب الشرعية السياسية و الوطنية و الاخلاقية و الانسانية ... كما ثبت للجميع في المحصلة، و لا يستطيع أعتى المؤيدين للحلف "الوهابي-الأمريكي-الاسرائيلي" التنصل من مشاهد الوحشية و الهمجية و التخلف للوهابية، التي شهدها العالم بأسره! ـ
و على كل الأحوال ... كل المؤشرات توكد بأن نهايتهم باتت .. قريبة

أما في مصر، فالتواجد الوهابي يتعزز، بل و تمت شرعنته بعد عملية الاختطاف الأخيرة، و اطلاق سراح الأسرى بـ "عملية" تفاوض مع الخاطفين ... و هنا تعلن الدولة المصرية رفع يدها عن منطقة سيناء ... ما يفتح الباب لتعزيز التواجد الوهابي في سيناء، و لتضمن "اسرائيل" أمن حدودها بتواجد هؤلاء في مواجهة الجيش المصري كخط دفاع أول بغض النظر عن بقاء الحليف الاخواني في السلطة من عدمه !

و في الأردن، الانقسام الحاصل في الدولة واضح للعيان، حيث تمارس الدولة "الانفصام" السياسي بكل ما تحمله الكلمة من معنى، و لدينا مؤشرات واضحة لانفتاح أطراف في الدولة الأردنية على روسيا و فكرة "البريكس"، و في المقابل هناك انخراط تام في المشروع الأمريكي، و تورط مباشر ومثبت في الأزمة السورية، و بهذا تحديدا نستنتج أن الظهور المسلح للمجموعات الوهابية يهدف أساسا لتقويض فكرة "الدولة"، وبالتالي منع أي تحول استراتيجي في داخل بنيتها .. اقليميا لصالح مشروع المقاومة، و دوليا لصالح "البريكس".

بالتفصيل، أردنيا:

حتى اللحظة، لا يمكن تقديم رؤية واضحة و متماسكة حول خواتيم الأمور في الأردن، و لكن المسألة تبقى محصلة للصراع الاقليمي و الدولي، و لهذا يستمر الصراع في داخل الدولة لحين حسم الصراع بصورته الأوسع

و لكننا ندرك، بأن تأخير هذا "الحسم" ليس في مصلحة الشعب الأردني بالضرورة، و علينا هنا مسؤولية أخلاقية لايضاح الصورة للجميع: الاستمرار في التورط الأزمة السورية يعني التهديد المباشر لمصالح الشعب الأردني، بل و تهديد أمنه، و نحن نتحدث عن تدعيم قوى الارهاب و التخلف في المنطقة، نحن نتحدث عن تقوية اكلي القلوب قاطعي الرؤوس ... المجموعات الوهابية الفاشية التي "تتفاخر" بالارهاب و الجلد و الذبح 

على الدولة تحمل مسؤوليتها الاخلاقية بتجنيب الشعب الأردني مخاطر المشروع الأمريكي-الصهيوني-الوهابي ... وسحب القوات الأمريكية من أرض الأردن، و التوقف تماما عن دعم الارهاب في سوريا، و انهاء المظاهر الوهابية الدخيلة على المجتمع .. و البحث عن المصالح الحقيقة للشعب الأردني، و الالتحاق بالقوى الصاعدة في الاقليم و العالم .. و أتحدث تحديدا عن محور "البريكس" ... و الانفتاح على قوى المعارضة الوطنية ... و اقصاء القوى المرتبطة بالخارج ... و البحث عن تعاون اقليمي يخدم مصالح الشعب على الصعيد الاقتصادي، و السياسي .. و الوطني 

و باختصار: كل يوم تستمر فيه الدولة بالحضن الأمريكي، يعني الكارثة للشعب الأردني، و عليه ... هذه هي البوصلة !ـ 

بالعودة الى العنوان:


نحن نتحدث عن خيارات "اسرائيلية" باستخدام المجموعات الوهابية لخلق مناطق "عازلة"، تحيط بالكيان، و تقاتل "بالوكالة" أي خطر يهدد أمن "اسرائيل" ووجودها، كما يشرعن .. في الوقت نفسه .. الترسانة المسلحة للصهاينة ... و يسمح بتمرير سيناريوهات الصهاينة بقضايا "الحل النهائي" و التفريط بالقضية الفلسطينية ... تحت مظلة "مكافحة الارهاب" 

فراس محادين
بيروت - 4 حزيران 2013 

Saturday, May 18, 2013

خطاب عاطفي!ـ


المشروع القومي في بلادنا .. ليس ترفا فكريا و ايديولوجيا ... بل ضرورة .. لمن يدرك خطورة الغد على الأمة بأكملها ... بل و من يدرك خطورة الغد على مستقبله الشخصي و مستقبل أولاده بشكل مباشر، حيث الطرق تصبح أضيق أكثر و أكثر مع مرور الوقت ... و تتضائل الاحتمالات بما يجعلنا نقترب بشكل كبير من مفترق الطرق ... لتحديد وجه المستقبل .. القريب منه و البعيد

بما يؤثر بشكل يومي و مباشر على كل فرد فينا ... بمحيطه الصغير المباشر .. و بشكله الأوسع .. و الأوسع .. فالأوسع !

على شعوب المنطقة أن تقرر بنفسها .... في خيارها... بين العيش المذل في دويلات مقسمة في مجتمعات محطمة و متصارعة و متقاتلة على أتفه الأمور ... تحت رحمة صندوق النقد الدولي و الضرائب و تحكم الشركات و الحيتان و اصحاب المال ... بين هذا الشكل المذل و انعدام الأفق ....بل الجري بلا توقف لمحاولة اللحاق بلقمة الخبز ... و الكرامة بحدها الأدنا .. و التي تبتعد بدورها.. يوما بعد الاخر!

بين هذا الواقع الأسود و بين حلم آخر ... امكانية الاستقلال ... و التطور .. و التحضر .. و الرقي .. ووحدة المجتمع ... بل و الرفاه .. و استعادة القدرة .. على الاستمتاع بالظاهرة المدهشة التي تسمى الحياة !

مفترق الطرق يقترب مع كل معركة ... و ظهرت ملامحه أمامنا!

إما العبودية باختصار ... أو أن نكون شعوبا تحترم نفسها، و تحترم تاريخها المجيد ... لاستنهاض أفضل ما فيها .. و العودة لما كنا عليه طوال التاريخ .. منارة للعلم و الحضارة و التنور و الرقي 

لن نكون كذلك دون ادراك الذات ... و اتحدث هنا عن الذات القومية بالضرورية ... و هي الوحيدة القادرة على حمل مشروع قادر على مواجهة الاستحقاق الذي نواجهه، لمواجهة عدو بهذه الخطورة و الوحشية و الهمجية ... في لحظة يشعر فيها هذا العدو بالعطش للدم و الافلاس و الأزمة الاقتصادية الخانقة في مراكزه .. في لحظة لن يقبل فيها هذا العدو حتى بانصاف الحلول و التراجع و التعقل ... بل هو يدرك ضرورة نهشنا ... بالكامل ... كي ينقذ نفسه .. من افلاسه و سقوطه المدوي الى مزبلة التاريخ ! 

الانحيازات المرحلية التافهة أضعف من خوض معركة بهذه الخطورة، كيانات سايكس بيكو بشكلها الحالي غير قادرة على المواجهة، و نعرف جميعا بأن سوريا مثلا، لم تكن ستنجو من الأزمة الأخيرة لولا المخالب الصلبة لمشروعها المركزي ... القومي 

و نعرف جميعا .. بأن الهادرين في الشوارع العربية من المحيط الى الخليج يرفعون أعلام سوريا و صور الرئيس بشار الأسد كانوا حائط دفاع أساسي في مواجهة العدو، و منعت هذه الأصوات الكثير من الأنظمة العميلة من التورط أكثر في الشأن السوري، و بقي تورطهم في السر و بشكل محدود قلل بشكل كبير من الخسائر .. و من حدّة المعركة .. على حدتها الغير عادية .. و التي لم نشاهد مثلها قط .. في التاريخ بأكمله !

و هم أصحاب تأثير محدود على كل الاحوال .. و الفضل الأكبر لصمود سوريا .. و خروجها منتصرة من هذه المعركة هو لأبطال الجيش العربي السوري .. الجيش الذي وضع نفسه في أرقى مكانة في التاريخ البشري ... و ستشهد الأيام القادمة على كلامي هذا ... و أوجه هذا الكلام تحديدا للأدوات الرخيصة مروجي العمالة و محاولة شيطنة هذه المؤسسة العظيمة، و سأذكرهم بأن التاريخ لا يحفظ الكاذبين .. و كذبهم .. سوى في أحط المراتب .. و أكثرها خسة .. هذا ان حفل بها أصلا !ــ

نكرر .. و نؤكد ... الانحياز لمشروع طارئ رسم بخطوط مستعمر ... أو الانحياز لدين .. أو طائفة و مذهب .. أو اقليم .. أو مدينة .. أو عائلة .. هو الانتحار بعينه .. و الارتماء في حضن العدو .. كما يحب هو ... و بمزاجه !

إما المشروع القومي .. او العبودية ... هذه هي المعادلة ببساطة .. لمن يريد أن يراها و يبصر .. و يعقل !

المشروع القومي دون الغاء لأي مكون ثقافي و حضاري ... بل هو التكامل 

حيث مصر .. هي مصر .. و سوريا .. هي سوريا ... الكبرى 

و الاشتراكية .. بمفهومها العلمي هو أقرب شكل للعدل و الانسانية 

حيث الانسان .. يمتلك الحرية الحقيقية 

حيث يهتف الجميع بفخر: 

تحيا سوريا 
تحيا الأمة العربية 
تحيا الانسانية

Sunday, March 24, 2013

عامان .. على الحلم

شهادة بين القراءة و الواقع، لما حدث في اعتصام 24 اذار 2011


عمّان، ميدان جمال عبد الناصر (دوار الداخلية) - الساعة 12 ظهرا، هو الموعد المتفق عليه لبدء الاعتصام المفتوح حتى تحقيق المطالب


تم الاعلان عن هذا الاعتصام بعد اجتماعات متعددة بين شباب متعدد الخلفيات السياسية، بين الحزبي و  المستقّل، بين الخبير في العمل العام و الذي يخوض تجربته الأولى، المتحمّس و المتشكّك، المتعقّل و الهائج

أصبح الجميع مستعد لهذه الخطوة بعد  سلسلة من المسيرات الاسبوعية التي تخرج يوم الجمعة، و بلا انقطاع منذ الاعلان عن "يوم الغضب" في 14 كانون الثاني (يناير) 2011. بالاضافة للتأثير الهائل للأخبار القادمة من تونس و مصر، لخلق هذه الجو أيضا

وصولا للحظة أدرك فيها الجميع ضرورة الاعتصام المفتوح لخلق حالة ضغط حقيقي على النظام لدفعه للتجاوب مع مطالب الشارع

المفارقة هنا، هو المسافة الكبيرة التي قطعتها هذه المطالب بين يوم الغضب الأول و التي كانت تنادي بـ : رغيف الخبز و اسقاط الحكومة و و اسقاط معاهدة وادي عربة، بل و اسقاط نهج التبعية برمته ... و بين المطالب التي تم نقاشها في الاجتماعات الأخيرة، حيث تحول الكلام الى مسائل "تقنية" في شكل "السلطة"، و من الضروري التنويه بأن الكثير من الحركات السياسية رفضت ادماج "اسقاط معاهدة وادي عربة" بمطالب حركة "24 اذار" بعد ذلك، بما في ذلك بعض البرتقاليين و الاسلاميين .. و باستثناء اليسار (مستقلين و أحزاب)

من يوم الغضب الأردني الأول، و حتى الوصول للاعتصام المفتوح، الكثير من الناس و الحركات و الأحزاب قد شارك أحيانا و توقف أحيان أخرى.

و هناك من جرّب الركوب في اللحظات الأخيرة، و نذكر هنا مثلا غياب حركة الاخوان عن معظم المسيرات في تلك الفترة، و مشاركتهم في المقابل يوم 24 شباط(فبراير) 2011، في جمعة كان متوقعا أن تكون حاشدة، بسبب الرفض الشعبي لاعتداء البلطجية على المسيرة السلمية في الجمعة السابقة يوم 18 شباط.

و هذا ما حدث، فقد شهدت تلك المسيرة حشود شعبية كبيرة جدا، تعلن موقفها الرافض لمنطق البلطجة و تكسير الرؤوس، درس في الكرامة ...  درس في الرقي

مشهد قام الاخوان بتسلّقه عبر بعض اليافطات "الضخمة و شاحنات مكبرات الصوت، و الشعار المكتوب باللون الأخضر: "الشعب يريد اصلاح النظام"، لجر الشارع الأردني الى فخ "الربيع" و شعارات "الشعب يريد" المطاطة، ما أوقعنا في الفخ بين فكّي الكماشة: "اسقاط النظام" بما يحمل من مخاطر  و مخاوف جمة، و "اصلاح النظام" المطاط و تحويل الشارع لمسرح للابتزاز المتبادل في لعبة عض الأصابع للأطراف المختلفة داخل النظام، و منها الاخوان

للأسف، لم يدرك الكثير من الناشطين هذه الحقيقة، و البعض الاخر أعلن موقفه و منذ اللحظة الأولى بأن الحل الحقيقي للمشاكل في الأردن يبدأ بتغيير النهج السياسي و الاقتصادي للدولة، باسقاط معاهدة وادي عربة و التخلّص من الهيمنة الأمريكية، في مقدمة لتطوير الدولة و المجتمع و الانسان

البعض الآخر كان جزءا من اللعبة، و حاول الاستفادة من اللحظة بكل الوسائل .. الاستفادة على المستوى الضيق .. الحزبي، و هنا أعني الاخوان تحديدا

الاعتصام المفتوح كان نتاج كل هذا الزخم  ...  الاخبار المتتالية من الكثير من الأماكن، و الاستمرار في التظاهر السلمي جمعة تلو الاخرى .. و المناخ المفتوح من النقاش السياسي ... الذي تحوّل لظاهرة شعبية

في مناخ ايجابي جدا، قررنا الذهاب نحو الاعتصام المفتوح، مجموعات شبابية مختلفة، من كل التيارات السياسية .. و الكثير من المستقلين

و بعد الاتفاق على "الخطوط العريضة"، ووضع مجموعة من المطالب "العمومية" ... تقرر الموعد و المكان ...  اتفقنا أيضا بأن يقوم شباب الاخوان بصياغة البيان للاعلان عن الاعتصام، و الالتزام بما تم الاتفاق عليه في الاجتماعات السابقة

و بعد أيام حماسية في التحشيد و الدعوة للاعتصام في الشارع و بين الناس و على جدران المدينة، و الجدران الافتراضية ... بمجهود مجموعة قليلة من الشباب ... يمكن وضعها تخت خانة "لليسار" ... حان موعد الاعتصام

كانت من اللحظات الخاصة جدا، لا يمكن وصفها بالاعتماد  فقط على الموضوعية و العقل العلمي، ضعوا الصفة التي ترونها مناسبة: رومانسية / شاعرية / أو حتى فذلكة ... بالنسبة لي .. كانت لحظة صادقة جدا .. مليئة بالمشاعر المختلطة، بين القلق و الحماس ... الحلم و اليقين 
وصلت قبل الموعد بنصف ساعة ... وجدت تجمعا لا بأس به لشباب اليسار ، من مختلف الأحزاب، بالاضافة للمستقلين

على أحد جوانب الدوار "الميدان"، في زاوية لا تتسع للكثير ... أعلام و رايات و يافطات فوق تجمع بشري ... الأعين كلها على الميدان .. الهتافات تعلو .. ألأعداد تتزايد ... طاف المكان بنا ... علينا التحرك

وصلنا الميدان، بدأت الهتافات ... شباب اليسار يملؤون المكان ... ووصل عدد محدود من "الاخوان" ... أرادوا الهتاف أيضا ... و كان لهم ذلك .. و في تلك اللحظة بدأ التخريب

بعد هتافات حماسية تقليدية، وصوت جهوري و شخصية تحمل "كاريزما" الهتّيف الى حد ما... خصوصا بشاربه الكث، و الحطة و العقال التقليديين، مفارقة في المشهد ساعدته كثيرا ... و لا اعرف ان كان ذلك مجرد صدفه، أم هو مشهد مكتوب مسبقا!ـ

فجأة، صرخ الهتيف  ضد شخص بعينه، مدير المخابرات .... الجهاز "البعبع" للكثير من الناشطين في الاحزاب و الحركات السياسية المعارضة، بل البعبع للكثير من الناس ..  و هذه ثقافة عربية بامتياز.. ففي البلاد العربية اسماء كثيرة لهذا الجهاز منها: "بيت خالتك"، "ورا الشمس" .. و في الأردن: "الدائرة" ... تخيّلوا ذلك .. الهتاف باسقاط مدير الدائرة

يجب الاعتراف، فاللّحظة مثيرة للاستغراب حقا ... مشاعر غريبة و مختلطة، بين محاولة التساؤل عن سبب هذا الهتاف في هذه اللحظة و هذا المكان تحديدا ... و بين رغبتي الشديدة في الصراخ مرددا للهتاف

قرار الاخوان باستهداف شخص مدير المخابرات بعينه يعبر عن صراع داخلي و لعبة عض أصابع، في لعبة لا تهمّنا ... صراع داخل بنى النظام

ولكن .. في لحظات القمم الدرامية ... المسافة بين السؤال و الصراخ تضيق و تكبر، بحسب كمية الحب و الكراهية... التصالح و الحقد .. الحرب والسلام ..  التي يحملها كل منا. بالنسبة لي المسافة كانت ضيقة جدا في تلك اللحظة، .. ولدي ما يكفي من الاسباب لذلك

صرخنا في تلك اللحظة .. فرحا بالخنجر الأول .. في قلب حلمنا

بعدها بوقت قليل توافد شباب الاخوان بشكل أكثر وضوحا ... عددهم كان يقل عنا برأيي، وصلت بعدها شاحنة مكبرات الصوت .. و الميكروفون .. و الكاميرات ... و كان البيان

صعقنا عند مشاهدة البيان، تم كسر الاتفاق و ادخال بند مشبوه عن "قانون الانتخاب" .. رفضنا ذلك ... رفضوا التعديل ..كان أمامنا خيارين، إما الرفض و الانسحاب .. او الاستمرار و محاولة الانقاذ

صرخنا بأننا شعب واحد .. و التاريخ يشهد ... بالصوت و الصورة في عصر الفيسبوك

الخنجر الثاني .. كان كالأول تماما ... حفر عميقا ... أصاب الحلم في مقتل

و على الأرض ... حيث النفوس نقية، المشهد كان معاكسا تماما، صورة "بوزيتيف" لما يحدث... مدرسة من الأخلاق، في تعامل الكل مع الكل .. وحدة حال .. ووحدة حلم

استمر الاعتصام على مدار يومين خلقت صورة جديدة للوطن في وجدان الكثير من المشاركين، و بغض النظر عن "البلطجية" المحتشدين باعداد قليلة على الجانب الاخر من الميدان... بل كمية الشتائم و الأحجار الملقاة من قبلهم ... جعلت الميدان صورة "بوزيتيف" لهؤلاء أيضا

حيث تعاملت الصفوف الأولى بكل مسؤولية، ورفضت القاء حجر واحد عليهم ... بل ورفضت حتى رد الشتائم .. بكل ترفّع .. حد المثالية ..

جمع الشباب الحجارة الملقاة عليهم، ورسموا بها خريطة الأردن من الصحراء الى النهر .. و  فلسطين من النهر البحر .. و اضاؤوا الشموع ... و جلسوا جميعا حول ايقونتهم و غنّوا .. موطني

في اليوم الثاني أوقفت شرطة السير كل الشوارع المؤدية الى الميدان، كان يوم جمعة ... عدد المشاركين وقت صلاة الظهر كان كبير بشكل ملحوظ  (عدة الاف) .. أنا شخصيا تركت الميدان حوالي الساعة الثامنة صباحا، و ذهبت للمنزل للنوم و عدت حوالي الثالثة عصرا.

أذكر أن وزير الدفاع الأمريكي كان زائرا للأردن يومها، لا أعرف ان كانت تلك الزيارة مفاجئة .. أم مخططة مسبقا .. و لا أذكر سببها و ما صرّح خلالها

و لكنني أذكر الهجوم السريالي على الميدان، و الذي تم على مراحل من قبل الأمن، سبقه هجوم ضخم من "مدنيين" ..

في حوالي الساعة الخامسة مساء، بدأ الهجوم على الميدان من عدة محاور، عبر القاء الحجارة على المعتصمين  من نقاط متعددة من مداخل الميدان المختلفة، تزايدت تباعا مع وصول "الحشود" من ملقي الحجارة، القادمين من المسيرة "المؤيدة"

تصاعد الهجوم كان منهجيا، حيث تزداد النقاط التي يأتي منها الحجارة .. عددا و توزيعا .. و كثافة

بل قاموا بتوزيع أنفسهم في المبنى المجاور للميدان الذي ما يزال في طور البناء، و توزعوا على كل "المربعات" المكونة للمبنى، و قاموا بتنفيذ الهجوم و القاء الحجارة علينا من الطوابق المختلفة بايقاع متزامن كـ  "فيديوكليب" للرقص الحديث

كانوا في كل المكان ... في المبنى المهجور بقرب الميدان ... على الجسر فوقنا ... قادمين من الشوارع المؤدية الى الميدان ... أعدادهم كبيرة، و لم تكن لدينا أدنى فكرة عن "مصدر" كل هذه الحجارة .. خصوصا في مدينة نظيفة و أنيقة كعمّان

تساقط الشباب في الميدان واحدا تلو الاخر، كان الميدان في تلك اللحظة، صورة "نيجاتيف" لما كان عليه منذ لحظات قليلة، قبل الهجوم كنا نرقص الدبكة الجماعية في الشارع .. في مشهد كرنفالي يحتفل بالحرية ... و لم تؤثر حتى الحجارة المقذوفة بين الوقت و الاخر على المشهد ... التحرك و الاختباء خلف السواتر و تعزيز الصفوف الأولى كان جزء من المشهد ... بل من الرقص

المشهد بعد الهجوم المكثف اختلف تماما 

استخدم الشباب "الخيام" البلاستيكية لصد الهجوم و خلق شبكة تحمي الصفوف الاولى على منافذ الميدان لحمايته من الاختراق ... صمدت كل المنافذ حتى اللحظة الأخيرة .. حين  تدخل الأمن بزيه "الرسمي" .. و استخدم وسائله المعروفة  (خراطيم المياه و الهراوات) لتفريق المعتصمين بعد ان سقط عدد كبير من الجرحى، و لم يمارس المعتصمين أي شكل من أشكال العنف المضاد لصد الأمن "الرسمي"

تحولت خيمة الى "مستشفى" ميداني منذ الليلة السابقة، بسبب الاصابات المتعددة نتيجة الحجارة الملقاة باتجاه الميدان بين الوقت و الاخر ... فالإصرار على البقاء في الميدان تسبب بعشرات الاصابات على مدى الليل و نهار اليوم الثاني.

امتلأت الخيمة-المستشفى بالجرحى بعد وصول الهجوم لحده الأقصى، و كانت حركة الاطباء المتطوعين صعبة جدا بين الاجساد الملتصقة ببعض لضيق المكان .. و في الذاكرة طبيب شاب يضع كتلة من الشاش على جرح عميق في رأس مفجوج لتطهيره بأسرع وقت ممكن ...  و الوقوف حائرا لثوان و محاولة المساعدة لعلاج حالة أكثر خطورة ... الأطباء قاموا بما تيّسر ... بما تيّسر من خبرتهم و قدرتهم على التبرع بأدوات الاسعاف الأولية ..

في الذاكرة الهجوم على "المستشفى الميداني" و الدوس على أجساد الجرحى و ضربهم بالهراوات من قبل الأمن، و خلفهم ملقي الحجارة يحملون الهراوات هذه المرة .. يضربون ما تيّسر، يحطمون بطريقة همجية الخيم و اليافظات و كل شيء موجود .. قرارنا بالترفع عن المشهد كان مسبقا .. و شاهدنا جميعا كيف قاموا بتشويه المكان و الذاكرة ... و الحلم بالربيع ... لابقاء "اللعبة" خلف الابواب المغلقة
صورة لربيع حقيقي - تصويري
Nikon F80, Sigma (70-200) on Macro, Kodak 200



فراس محادين
24 اذار 2013