Saturday, June 27, 2009

ما بعد صباح ماطر



كم من المحزن ... الاحتفال بميلاد شخص ميت ...!!

حمل فكرته تلك ... و هم بالرحيل ...
استأذن الجميع ... و مضى في طريقه ..

شوارع خالية ... شتاء المدينة حزين هذه السنة !!
شعر بثقل في صدره .. و بشكل لا إرادي ... ظهرت ابتسامة غريبة على وجهه ....

لن يعود الشتاء كما كان .. بعد الآن .. !!

تذكر فجأة أنه بمشي بلا وجهة .... اختفت تلك الابتسامة ...

وبدأ يذكر ما حصل على تلك الطاولة .. قبل دقائق قليلة فقط ...

"شتاء المدينة حزين هذه السنة" ... قالت إحداهن ... بفستانها الأسود ... و كأس صغير في يدها ...

شربت الكأس حتى آخره ...
و شرب الجميع ... كان الكل يلبس الأسود ... إلا هو ..

كان الحزن يتلفح وجه الجميع .. حتى بعد ذلك الكأس ..


رأى طفلان يلعبان ببركة صغيرة من الماء و الطين ... من بقايا صباح ماطر ...

تساءل عن المتعة في ذلك ...

تذكر ... أنه في عامه الخمسين ..
و أنه الآن .. لن يفهم ..

تذكر ما حصل معه على تلك الطاولة ... قبل دقائق قليلة فقط...

كان المكان قد تغير تماما ... لم يتبقى إلا بعض الطاولات ... و ذلك البار القديم ...

على تلك الطاولة .. كانوا الزبائن الوحيدين .. ظهيرة ذلك اليوم ..

كان المكان ساكنا تماما ... و كذلك كانت تلك المجموعة ...

كان الصمت خانقا ..

رفعت أخرى كأسها ... و قالت ... "لن يعود الشتاء كما كان ... بعد الآن" ..

شربت الكأس حتى آخره ...
و شرب الجميع ... كان الكل يلبس الأسود ... إلا هو ...

كان الحزن يتلفح وجه الجميع .... حتى بعد ذلك الكأس ..

في الشوارع الحزينة بشتائها ...
مر بجانب تلك الحديقة ... بالأراجيح الفارغة ... و الأشكال الهندسية الغريبه بأعمدتها الحديدية الملونه ...

تغير لونها و أصبحت باهته ...

تذكر أنه كان يتسلقها في طقولته ..
تساءل عن المتعة في ذلك ...

تذكر أنه في عامه الخمسين ..
و أنه الآن ... لن يفهم ...

تذكر ... ما حصل معه على تلك الطاولة ... قبل دقائق قليلة فقط ...

اختبئت الشمس وراء غيوم ذلك الشتاء ... كانت بالكاد تضيء المكان ..
بجدرانه الصفراء ... الباهته ..

رأى انعكاسه في المرايا الكثيرة في ذلك المكان ...

كان شكله متطابقا تماما في كل هذه المرايا ...
رأى شعره الأبيض ...

كان الكل يلبس الأسود .. إلا هو ....

رفع كأسه أمامه ... و قال ...

"كم من المحزن الاحتفال بميلاد شخص ميت" ...

شرب الكأس حتى آخره ... و شرب الجميع ..

حمل فكرته تلك ... و هم بالرحيل ..


فراس محادين – القاهرة في 26\6\2009