Saturday, April 03, 2010

التطبيع .... التطبيع الثقافي




هو التعامل "الطبيعي" على كل المستويات مع أي شخص أو جهة أو مؤسسه عامة أو خاصة تمثل الكيان الصهيوني في أي مكان في العالم ....

و التطبيع يحمل مفاهيم خاصة داخل الأراضي العربيه ... باعتبار الكيان الصهيوني عدو واضح و مباشر و محتل لجزء من أرضه .... و لمن يعتبر الوطن العربي ليس جزءا من مشروعه ... فالكيان الصهيوني عدو مباشر لكل الدول العربيه بغض النظر عن الموقف "القومي" ...

و في حالة مصر خصوصا ... فالكيان الصهيوني ليس عدو مباشر لأسباب تاريخية فقط ... بل لأسباب آنية (حاليّة تتعلق باللحظة الراهنة) حيث أن الصهاينة يشكلون ضررا مباشرا على مصر و الشعب المصري على أكثر من صعيد (سياسي و اقتصادي و حتى اجتماعي) من قضايا الغاز الى سيناء الى الجواسيس الذين يتم اكتشافهم بشكل متكرر حتى يومنا هذا ...

و بالتالي الاصرار على مجابهة التطبيع هو عمل وطني أولا لحماية الدول العربية و واجب على كل مصري لحماية مصر... و قومي على كل عربي لحماية المشروع القومي ... وواجب على كل انسان للتضامن مع الشعب الفلسطيني الذي يتعرض للجرائم يوميا


***


المقاطعة و مجابهة التطبيع تعتبر ابسط وسيلة للتعبير عن رفض الوجود الصهيوني على مستويات متعددة:

- رفض الوجود الصهيوني أساسا على أرض فلسطين المحتله منذ عام 1948 ... و رفض انشاء الكيان الغير شرعي المسمى بـ "اسرائيل" ... و ذلك بناء على القرارات الغير شرعيه مثل قرار التقسيم المتبنى من قبل الأمم المتحدة بشكل غير شرعي و على انقاض الحرب العالمية الثانيه لتحقيق مصالح الدول الاستعماريه و التي كسبت الحرب العالمية آنذاك ..

- رفض الوجود الصهيوني على الأراضي التي قام الكيان الصهيوني باحتلالها عام 67 و التي لم تحصل حتى الآن على غطاء "الشرعيه الدولية" بقرارات الأمم المتحدة... و رفض كل اشكال الاحتلال و الاستيطان و تشريد الشعب الفلسطيني...

- رفض الجرائم اليومية التي يقوم بها الكيان الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني في داخل الأراضي المحتلة و غير المحتله (مثل غزة) ... و رفض كل أشكال الاستيطان المرفوضة حتى دوليا ..

- رفض جدار الفصل و الضم العنصري الذي يقيمه الاحتلال على أراضي فلسطين و الذي يشكل كارثه يوميه على السكان في الداخل الفلسطيني كما يشكل خطر استراتيجي على مستقبل الفلسطينيين و يوضح المخططات الصهيونيه في تقسيم فلسطين لمناطق صغيرة و متناثرة لا تصلح لحياة "شعب"، مما يسهل الغاية الكبرى للمشروع الصهيوني و هو احتلال كامل التراب الفلسطيني. و يجدر بالذكر هنا أن محكمة العدل الدولية و التي تعتبر إحدى أهم وسائل ما يسمى بـ "الشرعيه الدوليه" قامت باصدار قرار يدين وجود الجدار و يطالب باسقاطه.

- رفض جرائم الحرب اليومية و التاريخية التي قام و يقوم بها الكيان الصهيوني منذ تأسيسه الغير شرعي و حتى هذه اللحظة بقتل الأطفال و المجازر الجماعيه و قتل المدنيين و أشكال الارهاب المختلفه التي يستخدم فيها هذا الكيان أقوى الأسلحة التي يحصل عليها من حلفائه الاستراتيجيين ....

- رفض التهديد الدائم الذي تشكله "اسرائيل" على استقرار و سيادة الدول المحيطه بها في المنطقة، من خلال تملّكها لترسانة نووية .... و رفضها التام (بالاضافه لرفض "المجتمع الدولي") لأية دولة أخرى في المنطقة لحيازة أسلحة من هذا النوع لتحقيق ما يسمى بـ "توازن الرعب" ... مما يؤدي الى جعل الكيان الصهيوني القوة الوحيدة المهيمنه في المنطقة و سيادة رأيه في أي مسأله متعلقة بالأمن أو السياسه في شؤون المنطقة...

و بالاضافة الى ذلك، سرقة الغاز (بالنسبة لمصر) و الماء (بالنسبة للأردن و سوريا و لبنان) و الثروات الطبيعيه الأخرى و الأراضي .... و الاتفاقيات التجارية و الصناعية الأخرى التي تجعل الدول المحيطة بالكيان الصهيوني مجرد مجمعات صناعيه و أسواق تجاريه لخدمة المشروع الصهيوني نفسه. دون أن تسمح بأي مشاريع تنموية و ديموقراطية لتحقيق الدولة الحديثة من خلال دعم "اسرائيل" و حلفاؤها الاستراتيجيون للأنظمة الحالية و التي تقوم بمنع هذه المشاريع منذ أكثر من 30 عاما. و بالطبع يجب ذكر شبكات التجسس التي يتم كشفها بين الحين و الآخر و التي تشكل تهديدا مباشرا على أمن الدول العربيه.

إذن ... رفض التعامل الطبيعي مع أي شخص أو جهة أو مؤسسه تمثل الكيان الصهيوني هو تعبير بسيط عن رفض (أحد أو كل) ما ذكر أعلاه .... و التعامل الطبيعي مع الكيان الصهيوني يعبّر عن قبول الوجود الصهيوني، و بالتالي قبول "شرعيته" و بالتالي قبول ممارساته و قبول تأثير هذه الممارسات منذ التأسيس و حتى يومنا هذا ...

***


من الحق الطبيعي لأي شعب أو أمّة تعرضت للإحتلال و الظلم بالمقاومة، و تتعدد أشكال هذه المقاومة ... من المقاومة المسلحة (باستخدام العنف) الى المقاومة السلمية (اللا عنف) ... و هناك بعض العناصر الشعبيه في أي أمه أو شعب تقوم بالتزام موقف سلبي أو حتى عميل من هذا الاحتلال أو الظلم عموما ....

و هناك تجارب في التاريخ اثبتت نجاح المقاومة السلمية (مثل غاندي في الهند) ... أو حركات التحرر الوطني السلمية عموما .... أما في حالة الكيان الصهيوني ... فقد أثبت أن اللغة الوحيدة التي يفهمها هي لغة القوة ... و ذلك بالدليل اليومي القاطع بمتابعة ممارساته المجرمة بشكل يومي في فلسطين ...

و على كل الأحوال ... لم تستطع الشعوب العربية بسبب تخاذل الانظمة في التعامل مع القضية الفلسطينية و بسبب سياسات القمع التي تمارسها على المواطنين الا بتبني شكل المقاومة السلمية ... و الدليل على ذلك الوجدان الشعبي العربي الذي يجمع على مقاطعة اسرائيل ....

و في الحقيقة فإن تبني خيار المقاومة السلمية الذي اتخذته الشعوب العربيه يمكن اعتباره خيارا شعبيا بامتياز ... و هو الخيار الوحيد الممكن في هذه اللحظة أمام هذه الشعوب ... خصوصا في مواجهة حالة التخاذل و التناثر التي يعيشها الوطن العربي .....

أما الدعم الشعبي لمشروع المقاومة عموما .... فيمكن الرجوع الى الشعوب نفسها .... و اكتشاف الدلائل التي تؤشر على اجماع شعبي كامل على فكرة المقاومة للعدو الصهيوني بكل اشكال هذه المقاومة.

و في هذا الاطار يمكن وضع مجابهة التطبيع و المقاطعة مع العدو الصهيوني كأحد الأشكال (إن لم يكن ابسطها) لمقاومة المشروع الصهيوني في فلسطين و المنطقة. و في هذا الاطار أيضا يمكن وضع أي شكل من التطبيع كعمالة مباشرة للمشروع الصهيوني ....

***


عبر التاريخ و الحضارات جميعا ... كان المنتَج الثقافي لأي أمّة أو حضارة أو شعب، ما هو إلا تعبير عن هموم ومشاكل و أحلام و طموحات هذه الشعوب ... بالاضامة لطموحات (المثقفين) في مستقبل أفضل لهذه الشعوب .... أو حتى للإنسانية ....

و لا يمكن فصل مشروع (المثقف - المنتِج)عن مشروع أمته أو شعبه أو حضارته أو عن طموحات المشروع الانساني عموما ....

و في هذا السياق، لا يمكن القبول بأن يقوم أي من هؤلاء (المثقفين) بانتاج أي خطاب يتعارض مع طموحات و آمال و أحلام شعوبهم ... خصوصا عندما يكون هذا الخطاب يصب في مصلحة العدو بشكل مباشر .... و في حالة العدو الصهيوني ... عندما يقرر المثقفين العرب التطبيع مع العدو الصهيوني فإن ذلك يعني دعما كاملا و مباشرا للمشروع الصهيوني، حيث أن هذا التطبيع يعني بشكل مباشر "قبول" الوجود الصهيوني، أي قبول الدولة الصهيونيه، أي قبول احتلال فلسطين، و هذا القبول في هذه اللحظة يعني مباشرة قبولا للممارسات و الجرائم اليومية التي يرتكبها هذا العدو ...

و لذا فإن المقاطعة و مجابهة التطبيع هو واجب إنساني لأي مثقف وواجب وطني و قومي للمثقفين في الوطن العربي ... حيث أن الكيان الصهيوني هو العدو المباشر للدول العربيه و هو الذي يهدد استقرار و نمو المنطقة ... سواء على مستوى الدول أو على مستوى الوطن العربي ككل ...

عندما يقرر أي من المثقفين التطبيع مع العدو الصهيوني تحت أي مسمى (حتى لو كان فهم الآخر ... أو المواجهة ... أو العماله بشكل علني) ... فهو ... و في كل هذه الحالات ... يعزز شرعية وجود الكيان الصهيوني ... مما يسهم في آلة القتل اليومية التي تشرد و تقتل الشعب الفلسطيني يوميا .... و تسرق أرض هذا الشعب ... بالاضافة الى سرقة الصهاينة لمقدرات و ثروات الدول المجاورة ... و انتزاع سيادتها أيضا ..