Wednesday, February 22, 2012

سننتصر

سننتصر (في جبال الجنوب)
Canon 60D - Canon 18-155mm
الصورة بتاريخ 31 اذار (مارس) 2014


حمل أولاده مسرعا ... بحث عن زوجته .. هي تضع بعض الأساسيات في حقيبة ... رأى  في عينها الذعر  و الإصرار على البقاء و حب الأولاد ... الأولاد و ما يحتاجه كل منهم على مدار الثانية !! ...  أسرع اليها ووضعها بحضنه ... و بعين واثقة و صوت ثابت قال لها: "بسرعة حبيبتي .. لازم نمشي من هون ... راح نرجع"  .. ابنته الصغيرة تشهق و تحاول إخفاء خوفها ... ابنه صامت تماما .. و نظرته الغاضبة لا يحركها أصوات الانفجارات البعيدة ... و القريبة

صور سريعة تمر في مخيلته لاقدام تنزل الدرج ... و امرأة ترفع صوتها بالدعاء: "الله ينصرنا .. الله ينصرنا"  ... هي لحظة العودة للواقع ... فقد أصبح أمام سيارته المتواضعة ... وضع الحقيبة و بعض الاكياس في الصندوق الخلفي .. زوجته وضعت الأولاد في الخلف و جلست في المقدمة ... و بدأت الرحلة

الطريق ملئ بالسيارات ... من كل الانواع و الألوان ... تمشي بشكل متراص و بطئ كموكب... المشهد تختلط فيه الجنائزية بالكرنفال ... مدينة الألعاب على اليسار مضاءة بالكامل ... و الألعاب جمعها تعمل، إحداها تدور بشكل عمودي .. و الأخرى بشكل أفقي ... فارغة تماما من أي زائر ... لزيادة الغرائبية على المشهد

أصبح الطريق أوسع قليلا .. و زادت سرعة الموكب أيضا .. نظرة زوجته لم تتغير ... الذعر و الإصرار على البقاء ... و حب الأولاد ... هي تضع قناعها و تتحدث الى الأولاد و تحاول تهدئتهم ...

هو ... يريد طمأنتها  ... شعر دائما بأنه يحمل مسؤولية إحساسها بالأمان ... لم يتخل عن تلك المسؤولية لحظة واحدة ... هو ... يحبها

ابتسم  ونظر باتجاه الأولاد و قال لهم: "احنا صرنا بأمان .. لا تخافوا" ... صوت الانفجارات ما زال مستمرا .. البعيدة منها .. و القريبة

أمسك يد زوجته  ...  و قال و هو يقود السيارة و ينظر أمامه: "خلينا نسمع موسيقا" ... صدمت زوجته .. اختلطت عليها مشاعر الدهشة و الاستغراب .. و ربما .. الخذلان ..   هل جنّ الرجل؟ هل فقد الإدراك بالموقف؟ هل توقفت مشاعره و أحاسيسه تماما؟ هل فقد الإحساس بالمكان .. و الزمان ؟ هل هي رحلة نحو المجهول ... و المظلم؟ أرعبتها الصور و الروايات و الذكريات التي تحفظها عن ظهر قلب عن اولئك الذين رحلوا .. و قام الزمن بتجميدهم في تيه الشتات بلا أفق ... رفضت ان يتحول الخيال و الذكريات الى واقع  ...  رفضت أن يحصل لها ذلك .... و لكن ...

"و لكنه يعشق الأولاد ..  ويحبني !!" ... هكذا قالت لنفسها

بحث بهدوء شديد في مكتبته الموسيقية الصغيرة التي يحتفظ بها دائما في السيارة .. أخرج احدى الأقراص المدمجة، ووضعها في جهاز التسجيل الحديث الذي اشتراه بحرص شديد، أهم ما في السيارة بالنسبة له، و بدأ صوت الموسيقى يتسلل الى الجو و العقل و الوجدان للعائلة المتواجدة في تلك السيارة .. و تماهت الموسيقى بشكل لم يستطع أحد تفسيره مع أصوات الانفجارات ..الانفجارات البعيدة .. لم يعد هناك أصوات قريبة ...

 و فجأة ..  وضع أشارة الاصطفاف نحو اليمين... كان المحيط ساحرا، الشمس في أخر دقائقها .. الجبال الخضراء تشرب بعضا من اللون الأحمر على أطراف أوراقها و تتلذذ .. كنبيذ أحمر صنعته الجدة بتقاليد تلك الجبال .. البحر هناك .. بعيد و جميل .. كالعادة

وقفت السيارة الى جانب الطريق و قال لهم: "اسمعوا منيح ..  هذا العازف الأمريكي ستان جيتز مع المبدع البرازيلي خوان جيلبيرتو  ..  نظر باتجاه زوجته بجانبه و قال: "و تغني معهم حبيبته استريد جيلبيرتو" .. تغيرت النظرة على وجه زوجته و ظهرت ابتسامة خفيفة .. ابتسامة انعشت قلبه ...
 شرح لهم سريعا عن موسيقا "البوسا نوفا" البرازيلية التي أسسها مجموعة من المبدعين في تلك البلاد ... و منهم خوان جيلبيرتو و كيف ظهرت تلك الموسيقا في قلب الصراع مع أمريكا و الاندماج و بداية التحرر  من  الرأسمالية و الاستعمار .. شرح لهم البعد الانساني و النبيل لتلك الموسيقا .. عن الأمل .. الأمل بالانتصار

هو قام بإخفاء بعض المعلومات .. الجزء الناقص من الحكاية هو أن المغنية استريد جيلبيرتو .. زوجة خوان ... بدأت حياتها كمغنية بسبب خوان نفسه .. فهو قد أحبها كما يحب الموسيقا ... و جعل منها نجما يملأ السماء  ... و لكنها و للأسف تركته و رحلت مع ستان جيتز الى أضواء امريكا ... جيتز الذي كان بربع موهبة جيلبيرتو  استطاع ان يعطيها الاضواء و الشهرة ... و لكنه لم يستطيع أن يجعل منها شيئا يذكر سوى بأنها صنعية خوان جيلبيرتو العظيم ... و في المقابل .. ما يزال خوان فقيرا ... و قام صاحب المنزل بطرده السنة الماضية .. هو يعيش الحلم المحطم ...
يتجرع خمر الخيانة ... و ما يزال ممسكا ... بالأمل ...

قام باخفاء بعض المعلومات ... فليس هذا وقت التحدث عن الخيانة ... نحن نعيش زمنا اخر على كل الأحوال ... و قد أصبحت الخيانة خلفنا... و سترحل قبل مجئ الغد 

ما تزال السيارات  تمر بجانبهم ... بسرعة أكبر قليلا ... و بشكل أقل انتظاما ... وضع أشارة التحرك ... نظر الى المرآة و تأكد من مساحة تسمح له بالعودة للشارع ... انطلق في رحلته مجددا ... كانت الشمس تنسحب في الثواني الأخيرة خلف البحر و تغني للأرض بوعدها اليومي للعودة مرة أخرى ... في الغد

أمسك يد زوجته ... و قبل رحيل الخيط الأخير للشمس مباشرة ... نظر لزوجته بعين ثابتة و صوت واثق و قال لها: "سننتصر"
Nikon F80 35mm, 70-200 Macro Lense, Kodak Plus films
سنابل الجنوب المحرر، من تصويري

فراس محادين
بيروت / 22 شباط 2012




Saturday, February 18, 2012

ديرتنا

Nikon F80 35mm, 70-200 Macro Lense, Kodak Plus films
ربيع حلمنا به، من تصويري
بما أننا نعيش عصر "الربيع العربي" و الحرية و الديموقراطية و حقوق الانسان كما يدعي الكثير هذه الأيام، فلنتحدث عن الأشياء التي لم تطرق من قبل، و سأبدأ الحديث بمطلع الأغنية التالي:

ديرتنا الأردنية
ديرة كبيرة ... و قوية
عمرها بو عبدالله
بالأسرة الهاشمية .. الهاشمية

الأغنية بسيطة الكلمات، واضحة المعاني، و المفترض بأن هذه الأغنية "الوطنية" تعبر عن المشاعر الوطنية للشعب .. أي .. تعبر عن وجدانه.

حسنا إذن، فلنحلل كلمات هذه الأغنية، بساطة الكلمات و بساطة المنظور للواقع تعبر عن الطريقة التي يفكر بها الشعب وتعبر عن وجدانه. هذا طبعا بالنسبة للمؤلف و من تبنى مشروع هذه الأغنية. أي أن هذا الشعب البسيط يرى الأردن باعتباره "ديرة" ..  و الديرة أيها الأعزاء هي تجمع خيام مجتمعات البدو في ترحالهم الصحراوي، و البدوي يعيش رحلة دائمة بحثا عن الكلأ و الماء..  غازيا في بعض الأحيان، مهزوما في أحيان أخرى، و من مفارقات الصحراء الكبرى تزامن الغزو و الهزيمة في الكثير من الأحيان، عندما تهزم القبيلة و تضطر للرحيل و الهرب من المكان، لتنتهي غازية في مكان آخر، لتهرب قبيلة أخرى مهزومة أو تعيش مغلوب على أمرها تحت إمرة السادة الجدد..هو جدل الصحراء و التيه الأبدي في دوامة الصراع مع الطبيعة..


هكذا يرى المؤلف سكان الأرن، و أنا .. كوني ابن الأردن من جنوبها، لا أرى بأن هذا المنظور للواقع يمثلني، و لا يمثل أحد ممن أعرفه في محيط عائلتي المباشر أو محيط عائلتي الواسع، في عشيرتي أو حتى في محيط أصدقائي و معارفي، سواء موالين للنظام أو معارضين، محبي الملك الراحل أو كارهيه أو حتى محايدين.

 و هنا لا أتحدث عن مشاعر الولاء من عدمها، سواء للدولة أو للملك نفسه، و لكن أتحدث عن المنظور للواقع.  هذا المنظور الذي يقحمه علينا المؤلف.. و للإبقاء على إمكانية "حسن النوايا" سنفترض بأن المؤلف رسم منظوره الشخصي الصحراوي الذي يمثله، و بأنه (أي المؤلف) لا ينتمي للبيئة في بلادنا .. هذا احتمال،  أو ربما قد يكون المؤلف من بيئة أخرى ثالثة مختلفة تماما، و أخطأ الفهم عندما وضع هذه الكلمات، و يحصل هذا كثيرا مع اقتصار المراجع التاريخية لبلادنا على كتب الاستشراق، و التي تخلط المفاهيم معظم الوقت بما يتلاءم مع مخططات القوة الاستعمارية.
 و ربما يفسر ذلك المشاهد المتكررة و اليومية للصحراء و الجمال و الخيام على التلفزيون الرسمي الأردني، و كأن هناك من يود التأكيد على الرواية الاستشراقية الانجليزية. و اذكر الاستهجان الدائم الذي كنت اسمعه في كل مرة تعرض تلك المشاهد على التلفاز، سواء من عائلتي المباشرة أو محيط عائلتي الواسع، في عشيرتي أو حتى في محيط أصدقائي و معارفي، و ذلك كون بلادنا تختلف عن تلك المشاهد، فنحن نعرف المدن و القرى و الجبال و الوديان و الأغوار و القلاع و التاريخ المجيد.. و نصمت في كل مرة تعرض الأغنية الجميلة التي تقول:

أبي فلاح من اربد .. هيلا هيلا هيلا
و يحب الأرض و أمي و الأولاد ... و يحب عيون الحرية

ان عرض تلك الأغنية تحديدا قد يدعم فكرة "حسن النوايا"، و لكن ..و في المقابل ..  قد يعبر عن حالة الرفض و المقاومة الكامنة في البنية الشعبية التي وصلت حتى مفاتيح القرار في التلفزيون الرسمي و الإصرار على التمسك بالهوية و لو عبر هذه الأغنية.

مما يعيدنا الى تلك الأغنية التي بدأنا بها الحديث و يجعلنا نتساءل .. ما الذي يدفع أحدهم الى نشر هذا الخطاب؟؟ لماذا الاصرار على الربط بين الولاء للنظام و بين انكار الذات؟؟

و هذا بغض النظر عن الموقف من هذا النوع من الأغاني، سواء كان الشخص رافضا لفكرة "مديح السلطان" تحت أي ظرف، أو موافقا عليها، فليس هذا ما نناقشه، نحن نتحدث تحديدا عن الاسلوب المتبع، و هنا أذّكركم بأن الجميع ينصت بانتباه شديد لتلك الأغنية من كلمات الجواهري التي تقول:

يا ابن النبي و في الملوك مكانة ... من حقّها بالعدل كان رسولا

حتى المعارضين للنظام (بل و الكارهين له) ينصتون و يحترمون المستوى الرفيع لهذه الكلمات، و أتحدى أي كان أن يقول غير ذلك.. فعندما تعلن الولاء بهذه القيم الرفيعة و النبيلة لن يستطيع أحد سوى احترامك بغض النظر عن الاتفاق أو الاختلاف حول هذا الولاء نفسه. بل و أزيد على ذلك من موقفي الشخصي و أقول بأنه من الجيد ربط الولاء بتلك القيم النبيلة، خصوصا عندما ترتبط بمفاهيم التحرر و الاستقلال و تحرير الأرض المحتلة و الانتصار للإنسانية. و هنا أذكر بأن الزعيم عبد الناصر قد رحل منذ زمن طويل، و بغض النظر عن "التناقضات" الثانوية التي قد يراها البعض مع عبد الناصر، و لكن يجب الاعتراف بأن أغاني الكرامة و الانتصار أيام ناصر لا تزال تلهب المشاعر الوطنية حتى اللحظة، و يمكن اعتبارها بلا مواربة أغاني تعبئة وطنية و تحشيد شعبي بامتياز، كما لا يمكن إنكار مقدار التعبئة المعنوية و النفسية الهائل لفيلم "الناصر صلاح الدين" ليوسف شاهين في شحن المشاعر القومية و الوطنية عند المشاهدين،  وفي نفس الوقت..لا يمكن انكار المستوى الرفيع  و العظيم في الصورة السينمائية و شكل السرد المتقدم لذلك الفيلم.. و نكرر .. و بغض النظر عن التنافضات الثانوية التي يمكن أن يجدها البعض مع الراحل جمال عبد الناصر، إلا أنك لن تجد ناقدا سينمائيا واحدا يحترم نفسه و يحترم مهنته لا يقف احتراما أمام ذلك الفيلم، حتى و إن كان كارها لعبد الناصر.. و على كل الاحوال، هم و إن كرهوا عبد الناصر، و لكن لا يمكن لأحد ان يكره تلك المرحلة بما أنتجت على كل المستويات، من السياسة الى الثقافة و الفن و الأدب الى التطور الاجتماعي و الصحي الى حتى الرياضة.

و لهذا نحن لا نناقش مفهوم "المديح" و اعلان الولاء نفسه، و لكننا نبحث في الطريقة التي عبروا بها عن ذلك. و نعود للأغنية الأولى مرة أخرى، لماذا الإصرار على الطابع البدوي للأردن، هل يعتقد المؤلف  بأن الولاء للنظام يعني الولاء للبيئة التي قدم منها الهاشميون؟ و هل ذلك صحيح أصلا؟

يجب أن ندرك البيئة الخاصة لشرق الأردن كإحدى المماسات الكبرى بين الصحراء وبين بلاد الشام، كمنطقة طرفية تحمل طبيعة مشتركة تجمع بين الاطراف الصحراوية و أطراف بلادنا، المدن و القلاع و القرى و الجبال و الوديان و الأغوار و الجبال الصخرية الجرداء الملونة. و في الأردن لا يمكنك انكار التأثيرات الصحراوية على ثقافتنا، بداية من القهوة التي شربها الفلاحين و عشقوها حد التبني و تحولت الى طقس شعبي... مرورا بعبقرية الخيام كحل مذهل لتخفيف حدة الشمس و الحر في بلادنا الحارة، فاستخدمها الفلاحون مصيفا بجانب منازلهم الحجرية... وصولا لطقس النار و الغناء، فالموسيقى تحديدا هي المستوى الأكثر مرونة في الثقافات الانسانية جميعا، و الأسرع انتقالا و الأكثر تأثرا، الموسيقى فعليا هي حامل الحضارات و مخرن التاريخ و تجلي الجوهر الانساني المشترك لبني البشر على الكوكب جميعا... و انتهاء باللغة، حامل الوجدان، فقد استطاعت لغة المعلّقات الهيمنة على كل اللغات الموجودة في بلادنا دون صعوبة، لقد عجنت اللغات في بلادنا لتشكل سويا لغة الشعر النبطي، منارة العلم و الحضارة للبشرية كما كل مرة.

و بذلك نفهم استحالة انكار الذات لمجتمع عريق هو بالفعل الشاهد على الحضارات جميعا، على ممر خطوط التجارة و القوافل و الحجاج و صعود الامبراطوريات و أفولها، في بلاد كانت مراكز اقليمية أكثر من مرة عبر التاريخ، لا يمكن لأحد ان ينكر الجانب الصحراوي في التكوين الثقافي لبلادنا كعامل مؤثر، و في الوقت نفسه لا يمكن انكار الجانب المدني و الزراعي أيضا، و هو الحقيقة التاريخية التي لا يمكن الغاؤها.

نحن لا نزال نفترض حسن النوايا، و لكننا نود أن نذكّر بالقليل من تاريخنا، و سأتحدث عن التاريخ المرتبط بي بشكل مباشر، فالحكايات عن جد والدي ما تزال متداولة في العائلة عن رحلاته لمدينة الخليل على ظهر الحصان و العودة في اليوم نفسه احيانا لاحضار البضاعة و لوازم الحياة.. بالاضافة الى الحكايات عن جدي الخامس قاطع الطريق، و الذي لم يمانع التعامل مع العصملي بل و مساعدتهم على دفع الرواتب من ذهبه أحيانا، هو نفسه الذي تحول الى ثائر عليهم في الجبال بعد أن اكتشف بأنهم أعداء و محتلين، و بعد أن اكتشف بأن المشترك الاسلامي مع التركي ما هو الا غطاء لاستعمار جشع ووحشي و عنصري، فهو ابن الكرك المدينة الضاربة في التاريخ، و منظوره للواقع ليس بحثا "ديره" في الصحراء للحصول على الماء و الكلأ، هو يعيش الى جانب عين سارة ووديان الكرك المليئة بالمياه، هو ابن الحضارات و الممالك و الامبراطوريات الكبرى و كانت الكرك نفسها مركزا لممالك كبرى عبر التاريخ أكثر من مرة، هو ابن هذا التاريخ و لن تكون علاقته بأحد خارج هذه المعادلة.

من أقحم منظوره على ثقافتنا في تلك الأغنية يريد تجريدنا من هذا التاريخ، و استكمالا لحسن النوايا سنعتبر بأن السبب هو الخطأ في قراءة التاريخ، و لهذا علينا بتذكيره بالواقع و حقيقته، و بأن العلاقة بين أهل البلاد و بين العائلة الحاكمة هي محصلة اتفاق بين شيوخ العشائر و بين تلك العائلة بأن تكون حكما عادلا بين الجميع، لتوحيد الشعب في مواجهة الاحتلال، و يكون الأردن منطلقا لتحرير الأرض المحتلة من الاستعمار و توحيد بلاد الشام، و هذا ما تجلى في مؤتمر أم قيس عام 1920 لاعلان امارة شرق الأرض واختيار علم سورية الكبرى علما لشرق الأردن، و هو علم الأردن الحالي بنجمته السباعية التي ترمز لمدن الديكابوليس السورية السبعة.

نحن لسنا مجموعة من البدو وجدوا انفسهم فجأة و بشكل طارئ في تجمعات مدنية متحضرة، و نتفن جيدا لعبة التاريخ و الحضارات و الممالك و الامبراطوريات. لسنا مارقين على التاريخ، و شجرة العائلة لكل منا تمتد مئات السنوات في قرانا و مدننا،  و هذا أحد أهم الملامح الخاصة لأبناء بلاد الشام، الارتباط بالارض و التاريخ معا.

 و يمكن لأي باحث تتبع هذا النمط في كل مجتمعات بلاد الشام، في سورية و لبنان و الأردن وصولا للعراق و الأراضي المحتلة في فلسطين و الجولان و لواء اسكنرون، عائلات عريقة تمتد في التاريخ، و شجرة عائلة طويلة مرتبطة بالارض و الاحفاد في نفس الوقت، الانتقال و الترحال للعائلات و العشائر لم يحدث الا ما ندر، و حدث أن بعض العائلات قد جلت من مدينة الى اخرى إثر ثارات قبلية او تجارة، و حافظات هذه العائلات جميعا على  أثر يحفظ أصلها و ارتباطها بمدنها و قراها الأصلية عبر تعديل اسماء تلك العشائر احيانا، أو عبر تناقل الحكاية من الأب الى الابن الى الحفيد في مرات كثيرة، و هذه الظاهرة تحديدا يمكن اعتبارها من العوامل التي شكلت الشخصية الخاصة في بلاد الشام، الى جانب التكامل الاقتصادي الموضوعي و التاريخي، و الى جانب حركة التجارة و التزاوج و اندماج الطقس و اللغة و غيره من العوامل التي شكلت الأمة.

و قد حدث بأن اضطرت بعض العائلات و العشائر للهجرة الجماعية لظروف خارجية قاهرة، مثل الاحتلال الصهيوني لأرضنا في فلسطين و اضطرار الكثير من العائلات للنزوح هربا من الاجرام الصهيوني و مرغمين على الرحيل في معظم الحالات، و يمكن لأي باحث أن يلمس بسهولة شديدة ارتباط تلك العائلات بقراها و مدنها الأصلية، و اصرارها المحافظة على ذلك الارتباط بالوسائل التي تحدثت عنها منذ قليل، كما يمكن بسهولة ادراك مستوى الاندماج الاجتماعي العميق جدا بين النازحين و المهاجرين من أبناء فلسطين المحتلة و بقية ابناء بلاد الشام،  سواء في الأردن أو سوريا أو لبنان .. و بالرغم من تعقيدات السياسة في الكثير من الأحيان، و لكن على المستوى الاجتماعي يمكنك بسهولة ادراك بأنك أمام أمة واحدة لا يمكن تقسيمها، كما يمكنك بسهولة ادراك بأن هذا الاندماج الاجتماعي العميق لم يغير من ارتباط الفلسطيني بأرضه، بل عزز من ارتباط ابناء بلاد الشام بتلك الأرض المحتلة.

و نعود للمؤلف و نقول له .. الأردني ليس هجينا يمارس الدهشة اليومية من أضواء المدينة، فهو ابن الحضارة و ابن اللغة و ابن الثقافة و التاريخ المضئ. هو ليس مذعورا من قبائل تغزوه في الليالي الحالكة لتخرجه الى تيه الصحراء، فهو ابن هذه الأرض لالاف السنين، و يتقن لعبة الحرب و الدفاع عن الأرض، هو يبني القلاع و الممالك و خطوط السياسة و التحالفات  والحروب و يبقى في الأرض، و تبقى هذه أرضه.

من كتب الأغنية التي تحدثنا عنها في البدء لم يفكر بكل ذلك، هو قام فقط باسقاط رؤيته الخاصة على ابناء بلادنا، و هناك من قام بتبني الأغنية و بثها بشكل يومي على التلفاز ليحفظها كل الاطفال لتغيير الوعي و الوجدان و الذاكرة. من قام بذلك اساء للأردن كله، الأرض و الشعب و الذاكرة و التاريخ، كما اساء للعائلة الحاكمة و طبيعة علاقتها بالشعب، فالجميع يدرك بأن علاقة الشعب بالنظام مبنية تاريخيا على معادلة مختلفة تماما.

يجب الاعتراف بأن هناك حالة رفض شعبي لشطب الهوية الشامية لابناء بلادنا و  هناك مقاومة كامنة  مستمرة منذ عشرات السنين لمواجهة حملة "الاستشراق" المحلية، و يتجلي ذلك هذه الايام مع تصاعد الحركة الاحتجاجية الشعبية للأسباب الداخلية بعناوينها المختلفة من محاربة الفساد الى الاصلاح السياسي  والاقتصادي  و توسع بؤر تلك الاحتجاجات، و المترافقة مع الرفض الشعبي المطلق لسياسات وادي عربة و نتائجها، و ذلك كله سيؤدي الى إثارة الأسئلة حول طبيعة العلاقة بين الشعب و النظام  و اقترابها أو ابتعادها عن المعادلة الأصلية التي بنيت عليها،  و في ظل الوضع الحالي فإن الأجوبة ستؤدي بالضرورة الى مراجعة شعبية حقيقية لهذه المعادلة.

 و لهذا نذكّر من يحتاج الى التذكير و نحذّر ... ليس لخوفنا على المعادلة، و بغض النظر عن موقفنا منها الان، و لكننا ندرك بأن المرحلة دقيقة جدا و حرجة، و بدائل تلك المعادلة ستكون كارثية في ظل الوضع الاقليمي (الاستمرار الصهيوني في احتلال الأرض و محاولات أمريكا تمديد هيمنتها على المنطقة و العالم و هي تحاول عبور أزماتها الكبرى)..هذه الأزمة التي ستدفع بأمريكا نحو ممارسات اكثر جنونا و همجية للمحافظة على مصالحها ..  و  قد قام الكثيرون منا بقراءة التقارير و التصريحات الاعلامية للعدو و التي تتحدث صراحة عن سيناريوهات تدميرية في بلادنا.

و هنا نقول، على النظام مسؤولية تاريخية في العودة عن سياساته التي تتناقض مع مصالح الشعب الأردني، و عليه أيضا  تبني خطابا يمثل الوجدان الحقيقي لأبناء بلادنا، لحماية الأردن الدولة و الشعب و حماية نفسه بالضرورة... بدءا من ابطال معاهدة وادي عربة و اعادة النظر في كل السياسات الاقتصادية و استعادة ثروات بلادنا و سيادة الوطن و كرامته، وصولا الى الاصلاح السياسي و مشاركة الجميع في ادارة الدولة .. كما جيب التوقف عن تبني ما يقوله مؤلف تلك الأغنية.

فراس محادين
29 كانون الثاني 2011

Saturday, February 04, 2012

منبه



حان موعد الاستيقاظ يا أبناء بلادي، أنا أعرف بأن الطقس بارد، و بأن الجسد يحتاج للكثير من النوم لعبور الشتاء و توفير الطاقة لمواجهة الأمراض و الجراثيم و الفيروسات، خصوصا لانخفاض مستوى المناعة عند البشر في الجو البارد عموما، و تحول الطاقة الكامنة فينا لدفع الحرارة في أجسادنا في معركتنا الأبدية للبقاء.

لكن، و بسبب ضرورات المرحلة علينا الاستيقاظ يا أبناء بلادي، فالذئاب تنتشر في الوديان و الشوارع و الغرف السوداء و خلف الشاشات. و ابن آوى خلف الجريدة، هو يستطيع رؤيتكم جيدا بسبب الفتحات الصغيرة في تلك الجريدة، و عندما يحمل حاسوبا لا يحتاج لفتحات، فالعالم أمامه ككتاب مفتوح و ما عليه سوى اختيار الصفحات ... ابن اوى يقف أمام أبوابكم جميعا يتربص بكم واحدا واحدا و ينتظر، و عندما يغلبكم النوم تماما و تسرحون مع الملائكة سيعرف هو ذلك، و سيخبر تلك الذئاب لتهجم على رزقكم و تأكل حتى أولادكم.

العدو يزداد شراسة يا أبناء بلادي، و المعركة ليست على أطراف الجبال كما كانت في الماضي، المعركة الان في بيوتكم، واحدا واحدا ... شاشة صغيرة أو كبيرة في بيت كل فرد فيكم يطلق عبرها كافة أنواع الأسلحة الخفيفة و الثقيلة.

استيقظوا يا أبناء بلادي، فالمعركة أصبحت معركتكم الفردية، الممارسة اليومية قد تكون إما فعل مقاوم أو فعل للعبودية، ولا خيار ثالث أمامكم، فالعدو أعلن وفاة الخيار الثالث و منذ فترة طويلة. 

العدو استغنى عن الصواريخ العابرة للقارات و التهديدات بالقنبلة النووية .. على الأقل في الفترة الحالية ... هو أعلن بأنه سيستخدمكم أنتم وقودا للحروب الأهلية.

استيقظوا يا أبناء بلادي، العبادة خير من النوم، فالصلاة عبادة، و العمل عبادة، و الجهاد و المقاومة عبادة.

ولا بد من التذكير بأن هناك فرق كبير، و كبير جدا بين العبادة و العبودية..  فالعبادة لله ... و العبودية التي أتحدث عنها هي للبشر أو للأشياء من صنعهم ، و هذه العبودية تعني مباشرة بأن تكون دون البشر.. فأن تكون عبدا لشخص اخر فهذا يعني بأنك دونه، كما أن الأشياء من صنع البشر هي حتما دونهم .. و بالضرورة.

و هناك من يتعمد خلط المفهومين في هذه الأيام، خصيصا اخوان الشياطين من ابناء آوى، هم يتلفحون بعباءة الاسلام و الاسلام منهم براء. و نحن نعرف أن من يعبد الله، لا يمكن أن يكون عبدا لغيره، الله يمثل الكمال بعينه، و كل شيء دونه ناقص. سواء بالمفهوم الاسلامي، أو غيره من الاديان و الافكار الانسانية عموما.

و ابناء آوى يا ابناء بلادي يقيمون الصفقات بالسر مع المستعمر الامريكي، القاتل اليومي الذي لم يتوقف عن القتل و التدمير منذ وصوله لارض الهنود الحمر و حتى اللحظة. من يضع يده بيد الشيطان يكون عبدا له، هكذا كانت المعادلة منذ غابر الأزمان مرورا بفاوست ووصولا لهذه اللحظة.

هم يجاهرون بالاسلام لأنكم انتم يا ابناء بلادي مسلمين و ليس لأنهم كذلك. هم يريدون اختراقكم و كسب ثقتكم، لتمرير صفقاتهم مع المستعمر و اعطاؤها الشرعية عبركم. تماما كحكاية "ليلى و الذئب" التي عرفناها جميعا و نحن أطفال!!

و اذكروا يا ابناء بلادي بأنهم يتقنون تقليدكم جيدا، ففي أرضنا في تونس هم منفتحون و علمانيون و يعينون وزيرات دون حجاب، أما في مصر بلحى طويلة و نساؤهم منقبات يلبسن الأسود من رؤوسهم و حتى أخمص قدميهم، و اذكروا يا ابناء بلادي عهودهم العلنية بالمحافظة على معاهدات الذل مع الصهاينة. و في أرضنا في فلسطين حملوا السلاح بضع الوقت كي يحصلوا على ثقتكم و من ثم قرروا فجأة وضعه جانبا و تأجيل القضية.. اذكروا جيدا بأنهم جميعا ينتمون الى تنظيم واحد و مكتبه في لندن عاصمة المستعمر الانجليزية .. ما هذا التناقض؟؟  و هل يمكن خداعنا .. بلحية ؟

الخطير يا أبناء بلادي هو أن صفقاتهم هذه تشمل الحروب الأهلية و القتل و التدمير و استمرار التبعية، هم الأداة الأخطر للرجل الأبيض .. و لكنها محلية.

اذكروا يا ابناء بلادي بأن قبلتهم الحالية هي قطر، الدولة المحتلة بالكامل عبر كل من قاعدة العيديد و السيلية، و العيديد هي أكبر قاعدة أمريكية جوية في المنطقة، أما السيلية فهي أكبر قاعدة عسكرية لأمريكا في العالم أجمع.

استيقظوا يا ابناء بلادي ... و اعذروني على التكرار و السجع،  كما تعذرون المنبه و تعيدون ضبطه على نفس الموعد قبل النوم في كل مرة.

فراس محادين
بيروت، 4 – شباط – 2012 

Friday, February 03, 2012

أدب الكتروني

مساء كهربائي -  من تصويري
Nikon F80 35mm, 70-200mm lense (Macro), 400 Plus Kodak Film


كرت
كرت جديد يضاف الى جيوب معطفي، الى جانب الهوية و رخصة القيادة و بعض كروت العناوين لبعض الشخصيات الغير مهمة، كرت جديد لحسابي البنكي الجديد والفارغ حتما بانتظار راتبي الشهري ليعود فارغا بعد فترة ليست طويلة، للدخول في دوامة العمل و الراتب و الديون و التفاصيل الصغيرة، الصغيرة جدا.



"عليك ادخال هذا الرقم مرة واحدة عند أول استخدام للكرت الجديد، و من ثم عليك اختيار رقم سري جديد، احفظه و لا تدونه في أي مكان، و لا تعطيه لأحد، خصوصا عبر البريد الالكتروني أو برامج المحادثة أو الرسائل الهاتفية، و في حال ضياع الكرت عليك الاتصال على أحد الأرقام التالية: ..."

إحفظ الرقم، هكذا يقولون ... تنهدت طويلا و انا أعبر ليل المدينة الباردة.. رقم جديد علي ايجاده.. و حفظه أيضا .. و يجب أن يكون الرقم اعتباطيا تماما دون أي ارتباط بي و بما يجعلني أنا ... ولكن .. هل يعقل ذلك؟!

تنهدت طويلا .. ربما سأستخدم ذكرى لقصة حب عابرة، و لكن .. ربما سأنسى تلك الذكرى أيضا.. فهي عابرة .. هم يطبق على صدري .. وريثما أجد الحل .. سأتجنب تلك الالة قدر استطاعتي

***
سيجارة الكترونية

توقفت عن التدخين لأجل حبيبتي، و رغم كافة الوسائل المتبعة للبقاء بعيدا عن السيجارة ما تزال الرغبة بها دفينة، و ما زلت في حالة مقاومة مستمرة، فالمقاومة بالنسبة لي المنزلة الأرفع في الحب، و أكثرها رقيا، و أصالة، و انسانية.

منذ بضعة أيام جاء أحدهم  و بيده سيجارة الكترونية، لم أصدق في البداية.. و لكنها كانت حقيقية. أثارت فضول أحدهم لدرجة الدهشة، و كانت المحادثة بينهم عن تلك السيجارة طويلة، فهي لا تحترق في الحقيقة و انما تحمل ضوءا أحمرا في مقدمتها يضيء فقط كي تشعرك بأنها تعمل في الحقيقة، ربما لإكمال الطقس .. أو من باب تسويق المنتج ... لا أعرف بالتحديد

و المدهش أكثر هو الدخان الأبيض الذي يخرج من فمك عندما تدخنها، و هو في حقيقته مجرد بخار ... وهم يشابه لعبة الطفولة في الايام الباردة، عندما كنت طفلا كنت اضع  عودا خشبيا صغيرا في فمي ثم أنفخ الهواء الحار من جسدي ليتحول الى بخار يشعرني بنشوة الرجولة.. ذلك كان وهم الطفولة على كل الاحوال..

و يمكنك ايضا استخدام السيجارة الاكترونية أيضا في الطيارة و المكاتب و أينما ذهبت، ليس هناك قوانين تمنعها من الدخول لأية مكان، تضعها في جيبك ببساطة و تخرجها هكذا و في أية وقت و تدخنها قليلا ثم تعود الى الجيب دونما أية أضرار جانبية واضحة و معلنة ...ـ
أنا شخصيا ... سأختار حبيبتي .. لا تلك السيجارة

***

هوية

أحدهم حاول سرقة صفحتي الالكترونية منذ بضعة أيام ...  شعور غريب فعلا، أعرف من حكايات أبي و أصدقاؤه الذين أصبحوا أصدقائي أنا أيضا بأن "المناضلين" في الفترة الماضية كانوا يخشون العسس لخوفهم من اختراق حياتهم الخاصة، و تفاصيلهم الحميمة و غير الحميمة...

ما أشعر به يختلف عن ذلك .. و صفحتي الالكترونية لا تحمل تفاصيلا حميمة على كل الاحوال ... ما شعرت به كان شيء اخر .. و كأن هناك من حاول أن يسرق حقي في الوجود .. تلك الصفحة لم تكن سوى انعكاس ما لوجودي ... و بغض النظر عن أهمية ذلك الانعكاس عموما .. و لكنه حتما  جزء من ذلك الوجود.

ربما تشابه تلك التجربة من وقف بمواجهة كاتم الصوت يوما، سواء استطاع النجاة أم لا... في تلك اللحظة تحديدا تدرك بأن هناك من يغتالك، و يحرمك حقك في الوجود...

و لكنني أعاود نفسي و أقول ... نحن نتحدث عن انعكاس ما لوجودي، لا لحقيقته، و لذلك ... أعتقد أن التجربة تشابه من وقف بمواجهة كاتم الصوت في حلمه.. لا أكثر ..ـ

***
خاتمة

توقفت عن استخدام القلم إلا ما ندر في الفترة الأخيرة، لا أستخدمه حتى للكتابة!!ـ

اتساءل دوما حول شكل الأدب في الفترة القادمة، هل سيكتب الناس عن برامج التلفزيون أو صفحات الانترنت أو ملاحقة التقنيات الحديثة؟

هل نعيش هذه الأيام "الفترة القادمة" دون أن ندرك ذلك .. أو نعترف به بالحد الأدنى؟؟

ما الذي يحصل عندما يهدم الجدار العازل بين الحلم و الحقيقة، و يصبح الحلم هو الحقيقة؟

هل أصبح الحلم هو الحقيقية؟ أم الحقيقة أصبحت الحلم؟

  هل نستيقظ؟

***



فراس محادين
2 – 2 - 2012