Tuesday, June 11, 2013

المعركة القادمة في اليمن... لماذا ؟ و ماذا عن الأردن؟ ـ

(مع الاعتذار عن الاطالة) 

حقيقة المعركة انكشفت للجميع، و هو صراع كوني في لحظة أزمة كبرى و عاصفة تمر بها الولايات المتحدة، أزمة داخلية اقتصادية مضاف اليها ازمات عسكرية و سلسلة من الهزائم، و مجتمع هش قابل للانفجار في أية لحظة

أزمة دفعت الولايات المتحدة التقدم "أكثر" في حروبها الاستباقية، بشكلها "الناعم" .. بعد افلاس الخيارات العسكرية، و الهزائم المتتالية

و في هذا السياق فقط، يمكننا فهم "الربيع العربي"، و هو الحراك الواسع الذي حركته أذرع مرتبطة بالولايات المتحدة الأمريكية مباشرة (مثل 6 ابريل، ووائل غنيم، و الاخوان المسلمون) و غيرهم من الادوات و الأحذية، بعد انشاء "سور حديدي" اعلامي سيطر على المشهد و العقول لفترة من الزمن

و ها هو فشلهم في سوريا ماثل أمامنا، و صمود الدولة السورية (النظام و الجيش و الشعب) شلّ تقدم المشروع الأمريكي في المنطقة، و ها هم العملاء يتساقطون واحدا تلو الآخر، و بسرعة صاروخية لم يتوقعها سوى أكثرنا تفاؤلا .. و عقلانية 

و علينا هنا تحليل المعركة و اطرافها بوضوح، لاستكمال الصورة بشكل واضح، و هي معركة استقطاب حاد، و فرز عنيف لمعسكرين واضحي الملامح .. لا لبس فيهما:ـ 

المعسكر الأول: القوى الصاعدة في العالم، روسيا و الصين و منظومة البريكس، و محاور الممانعة الاقليمية (سوريا-ايران)، و قوى المقاومة العسكرية و الثقافية و الشعبية

المعسكر الثاني: الولايات المتحدة الأمريكية و الدول الاوروبية، الكيان الصهيوني و الرجعية العربية و قوى العمالة على اختلافها 

و هنا يجب التنويه، بأن أول ملامح الهزيمة، هي التفكك، و لهذا نقول بأن محور الامبريالية دخل في مرحلة الهزيمة بسبب ملامح التفكك التي أصبحت واضحة مثل:ـ 

- الانسلاخ بين الموقف الامريكي و الموقف الفرنسي و الانجليزي، و هنا فرنسا و انجلترا هم الخاسر الأكبر في هذه اللعبة، و قد قامت الولايات المتحدة الأمريكية بذلك بالتخلي عن "أهم" حلفائها .. في العالم .. للحفاظ على "الحد الأدنى" من الخسائر ... و لتحقيق ما قاله وليد المعلم .. بشطب اوروبا عن الخارطة السياسية ... و قد صدق

- الصراع "السعودي-السعودي" داخل منظومة الحكم نفسها، و يعرف الجميع بأن هناك انقسام حاد داخل منظومة الحكم حول المسألة السورية، و هنا أتوقع النهاية السياسية بالحد الأدنى لبندر بن سلطان ... و في وقت قريب جدا 

- الصراع السعودي-القطري، وهو صراع يحمل اشكال مسلحة شهدتها ساحات القتال في سوريا، بين فصائل المعارضة المختلفة المرتبطة بكل من السعودية و قطر

- الهزة الكبيرة التي تعرض لها التنظيم العالمي للاخوان عبر مظاهرات تركيا، و هو ما سيضعف قطر في الفترة القادمة، وهو يقوي ما ذهبت اليه مسبقا حول مستقبل بندر، خصوصا بعد معركة حلب القادمة

- حركة الاحتجاجات العربية في بلدان "الربيع" .... تونس و مصر .. و تهديد المشروع الوهابي بنهاية باتت وشيكة

نحن نتحدث اذن عن محور يتفكك، و لهذا علينا البحث عن البدائل الأمريكية

في المنطقة، المحور السوري أثبت حضوره رغما عن الجميع ... و سيبقى النظام بسقفه الأعلى، و بشروطه، ما يضع أمريكا أمام خيارين:ـ 
أولا: التدخل العسكري المباشر
ثانيا: التراجع و الانكفاء و الاعتراف بالواقع الجديد

و الخيار الثاني، هو الخيار الأمريكي لاستحالة الأول، و دخول روسيا و الصين على الخط بكل ثقلهما، و هم يدركون .. بأن الولايات المتحدة لا تستطيع تحمل كلفة حرب عالمية، و تدرك الولايات المتحدة بأن احتمالات الهزيمة اكبر بكثير من احتمالات الانتصار، و بأن ذلك .. يعني خروجها من التاريخ .. الى الأبد ... و لهذا .. هو خيار مستبعد .. في هذه المرحلة

و لهذا، يصرّح الأمريكان ليل نهار، بأن خيار ارسال جنود للمنطقة من أجل "القتال" غير وارد على الاطلاق، و بهذا نتحدث عن تراجع أمريكي، و رعب "اسرائيلي"، و محاولة ارساء قواعد جديدة في المنطقة، و محاولة تشكيل شبكة أمان "اسرائيلية" تحيط بالحدود السورية في الشمال و الجنوب عبر نشر "الباتريوت"، لتأمين "الكيان"ـ

ما البديل؟ أمريكيا؟ 

في مقابل الهزيمة في المحور السوري، و هو ما سينعكس بالضرورة على تشكيل منظومة من خطوط النفط و الغاز تمتد من بحر قزوين شمالا وصولا للمتوسط، منظومة معادية للولايات المتحدة و مصالحها، ما سيدفع الولايات المتحدة للبحث عن "بدائل" تضمن فيها "خطوط بديلة" منافسه .. تبقي على وجودها و سيطرتها السياسية و الاقتصادية ... بالحد الأدنى

من بحر قزوين، الى المتوسط - الخط الأخضر

بعد الانسحاب من العراق، و بقاء بعض العملاء المزدوجين في المشهد السياسي، و البلاك ووتر على الأرض، بالتحالف مع القاعدة و التمدد "الوهابي" الذي عملت عليه أمريكا في الفترة الماضية و استطاعت أن تغزو حتى حزب "البعث" بالوهابية، و لكن في العراق يبقى المشهد أكثر تعقيدا، و هناك اكثر من لاعب في الساحة العراقية، و التوازن في العراق يميل أكثر ناحية "البريكس" و التأثير الايراني الاقليمي

و سنجد بأن التواجد العسكري الأمريكي المباشر هو الان في الخليج، بالاضافة للثكنة العسكرية الصهيونية، و ما بينهما: التواجد العسكري الأمريكي المباشر و المعلن في الأردن

و هنا نتحدث عن منظومة أمريكية ممتدة من خليج العرب شرقا، وصولا للمتوسط على شواطئ تل أبيب

و للبحث عن "مفاصل" السياسة، علينا دوما التركيز على "مفاصل" خطوط التجارة.. البرية و البحرية و الجوية ... و خصوصا الممرات البحرية التي رسمت خطوط التاريخ في كل مرة

و سنجد هنا، بأن المفاصل الرئيسية .. التي لم يحسم أمرها بعد هي التالي:ـ 

الأردن: ممر بري (حتى اللحظة تحت السيطرة الأمريكية)
خريطة توضح قناة "البحرين"

قناة السويس: ممر بحري و التي يقوم الاخوان في مصر ببيعها، من خلال قانون "اقليم" قناة السويس الذي يفصلها فعليا عن الادارة السياسية و القانونية للدولة، في التزامن مع تراجع و انكماش الحضور المصري في المنطقة، و التعدي على نهر النيل من قبل الدول الافريقية دون حساب، و فتح جبهات مختلفة مع مصر، لابعاد النظر عن الكيان الصهيوني، و التمهيد لمشروع قناة البحرين الذي يربط البحر الابيض المتوسط بالبحر الأحمر داخل الكيان الصهيوني .. بديلا عن قناة السويس 
قناة السويس و امتدادها للبحر الأحمر و باب المندب


باب المندب (اليمن): ممر بحري و الذي يصل البحر الأحمر بالمحيط الهندي
باب المندب

و بالنظر الى "محصلة" الصراعات في المنطقة، و تشكيل خط "الحرير الجديد" مرة أخرى، أو خط البريكس، الممتد كما أسلفت من قزوين شمالا، وصولا الى شواطئ البحر الأبيض المتوسط

هناك خط أمريكي موازي مركزه السعودية ممتد من اقصى الخليج شرقا وصولا للبحر الأبيض المتوسط، مدعم بضعف الدولة المصرية، و مشروع "طموح" يحتاج لبعض الوقت لتنفيذه، و هو مشروع قناة البحرين

و تركيا المهزوزة بحاجة لبعض الوقت .. لحسم مواقعها الاقليمية، فهل يبقى أردوغان، و تبحث أنقره صيغة "تشاركية" مع "ال سعود" في الخط الأمريكي؟ بالتوازي و التكامل مع نابوكو؟ـ 

الصراع في تركيا .. بوضوح .. هو صراع على خط "نابوكو" الاوروبي، و انتهاء أردوغان، قد يعني نهاية نابوكو ... و قد يعني انضمام تركيا للبريكس، أو بالحد الأدنى تحولها لـ "منطقة" توازن استراتيجي ... أي: خط "تهدئة" سياسي، ونقطة  تشارك اقتصادي على مسافة واحدة من الاقطاب العالمية، و تركيا مؤهلة للقيام بهذا الدور لاسباب متعلقة بالجغرافيا السياسية التركية، و كونها الملتقى التاريخي بين الشرق و الغرب، في لحظة تاريخية مناسبة لذلك، إن كان هناك عقل سياسي في الجيش التركي قادر على التقاطها، و الظروف الموضوعية على ما يبدو... تذهب في هذا الاتجاه

اذن، ما هي أقصى الأولويات للولايات المتحدة الأمريكية، لتأمين مصالحها؟ 
خصوصا بعد شرح المعطيات الاقليمية أعلاه

في اليمن صراع على كل الصعد، الصراع السعودي-القطري على أشده، حركة الاخوان تلعب على جميع الحبال متمسكة بالحليف "الأمريكي"، ظهور للقاعدة و سيطرة مرعبة، قوى الجنوب متخبطة و ليس لديها برنامج واضح، المعارضة معارضات، و النظام أنظمة

صنعاء بيد الاخوان، و الجنوب مقسوم بين القاعدة و بين مجموعات "استقلال الجنوب" .. و في الشمال الحوثيين و الصراع على أشده، و الاستعراض العسكري المتبادل ما بين ايران و الولايات المتحدة في المياه الدولية يشي بطبيعة الصراع هناك

لا يمكن .. برأيي .. أن تقبل الولايات المتحدة بتعريض هذه المنطقة الحساسة لخطر الخروج من سيطرتها، و لهذا لن تقبل باستمرار هذه الفوضى دون تعزيز تواجد عسكري كبير و معلن يسيطر على باب المندب، و لهذا أتوقع المعركة القادمة في تلك البقعة، و هي معركة برأيي، ستنطلق بعد نهاية المعركة في سوريا، و هي نهاية اقتربت كثيرا

كما أن تعزيز التواجد العسكري الأمريكي في اليمن... سيكون الأقل تكلفة، و لن تتجاوز المعارك في المحيط الهندي بعض المعارك البحرية "التكتيكية" المحدودة ... بأقل الخسائر .. و قد يقبل الخصم الروسي-الصيني-الايراني-السوري بخسارته هناك .. في مقابل تنازلات أمريكية كبرى ... في منطقتنا

ما يبقي السؤال الأهم و الأخطر: ما هي آفاق الصراع السوري-الصهيوني ؟ ـ
حيث يدرك الجميع وصول المنطقة للتوازن الاستراتيجي العسكري و السياسي بين سوريا و الكيان الصهيوني، توازن عسكري مقرون بدمار كبير اصاب الكثير من البنية التحتية السورية، كل المؤشرات تؤكد حتمية المعركة بين سوريا و الكيان الصهيوني، و هي معركة قد لا تكون بعيدة، و لكنها خارج الحسابات الحالية لجميع الأطراف، و تذهب التقديرات كلها الى أن الحرب المفتوحة قد تدخل حيز التنفيذ خلال 5 سنوات، بعد نهاية الولاية الحالية للرئيس الأمريكي، و عودة الصقور الى الحكم، بعد محاولة تأمين "مصالح" الولايات المتحدة في المنطقة، و تحديدا تأمين منطقة الخليج

ما يضعنا أمام التساؤل التالي: ما هو دور الأردن في هذه الفترة؟؟ ـ 
هل تستطيع الولايات المتحدة تمرير مشروع الكونفدرالية و تسوية "الحل النهائي" عبر عملية تبادل الأراضي؟ـ 
هل يستطيع النظام الأردني الاستمرار في "المناورة" لخمس سنوات على سبيل المثال ؟؟ـ 

و هنا يجب التحذير، بأن المشروع الأمريكي في الأردن هو تفكيك "بنية" الدولة، و اعادة انتاج المجتمع و الدولة بما يتلائم مع مشروع "الكونفدرالية" و تحويل الاردن و الضفة الغربية الى مجال حيوي "اسرائيلي" ... و غزة الى منطقة عازلة و مجمع سكاني أعزل

و لهذا نقول، للمرة الألف ... ان كل يوم يمر باستمرار الدولة الاردنية في هذه "المناورة" .. يعني مباشرة تعريض أمن المواطن الأردني للخطر، و تعريض لقمة عيشه للخطر .. و تعريض الأمن الوطني الأردني للخطر .. و تعريض وجود "الدولة" بحد ذاتها .. للخطر 

و هذا نداء واضح للمعنيين .. بحسم المسألة ... و فك الارتباط مع الولايات المتحدة و الكيان الصهيوني... و التوجه شرقا و البحث عن مصالح الاردن عبر تحالفات اقليمية مع العراق و سوريا للحفاظ على مصالح الاردنيين، و التحالف دوليا مع "البريكس" .. بعيدا عن توجيهات الولايات المتحدة الأمريكية ... التي لم نحصل منها سوى على الجوع ... و الفقر .. و النهب و الدمار!

فراس محادين
بيروت 11 حزيران (يونيو) 2013

1 comment:

alSweilhySami said...

اعتقد انك في خضم كل هذه المعلومات ,,, التي لن اعقب عليها ,, كوني لست مختصا بها ,,, ولكن بما انني من اليمن الجنوبي ,,, احب ان اوضح لك بعض التفاصيل ,,, بالنسبة للجنوب ,, وهي كالتالي ,, بالنسبة لتخبط الجنوب كما ذكرت هو تخبط سياسيي الجنوب فقط حول رؤى استقلال الجنوب عن دولة الوحدة اما بالنسبة للغالبية العظمى من ابناء الجنوب ,, فهو على رأي واحد وهو انتهاء هذه الوحدة باي شكل من الاشكال ,, فشعب صمد ست سنوات من العام 2007 ,,, ويتزايد زخم مظاهراته لا يمكن ان تصفه بالمتخبط ,,, اما عن النقطة الاخرى وهي انقسام الجنوب بين القاعدة وجماعات استقلال الجنوب ,,, يبدو لي انك لا تعلم ان القاعدة ماهي الا فزاعة تسير بيد نظام الشمال في صنعاء والدلائل على كثيرة لم اراد ان يتعمق في هذا الشأن ,,, وهي وجدت لتكبح جماح شعب الجنوب ,, تارة بتشويه صورته اما الرأي العام وتارة اخرى باستخدام ذريعة القاعدة بتصفية القادة والكوادر الجنوبيين في الجيش والامن ,,,, ارجو ان تتقبل مداخلتي بصدر رحب وان تاخذ هذه الموضوع على محمل الجد ,,, يمكن ان تتكشف لك افاق اخرى للصراع العالمي