Monday, December 10, 2012

كاسري الاضرابات

كاسري الاضرابات: مرتزقة يتم استئجارهم من قبل الرأسماليين لاحباط و إفشال الاضرابات في المعامل، بحيث يحلون مكان العمال المضرين... و مدة استئجارهم محدودة و هي فترة الاضرابات فقط .. لافشالها

هذه الظاهرة انتشرت بشكل كبير في مصانع الولايات المتحدة، في فترة صراع الرأسمالية مع طبقة العمال في المركز الأمريكي ... و قد انتصرت الحركة العمالية في بداياتها في تحديد ساعات العمل بـ 8 ساعات في اواخر القرن الماضي (عام 1886 تحديدا) ، و نجح عمال أمريكا بعدها بتنظيم أنفسهم عبر النقابات

و للأسف .. الصراع انتقل بعدها داخل النقابات لافسادها و تطويعها لخدمة الشركات عابرة القارات ... و الصراع بكل ابعاده استمر بلا توقف حتى وصل في أكثر أشكاله شراسة في الخمسينات في مرحلة "المكارثية"، التي قام فيها العقل السياسي الأمريكي بممارسة النفي و الأقصاء بأكثر الأشكال تطرفا، لمنع أي صوت مخالف سواء كان في المصانع أو في الجامعات و المدارس .. أو حتى في المسارح أو على شاشات السينما 

كيف و لا و تلك كانت الفترة الذهبية لأمريكا لملئ فراغ أفول انجلترا عن قلب العالم .. ما سموه بعد ذلك "الشرق الأوسط" ... كان اليانكي مستعجل للسيطرة الكاملة على الجبهة الداخلية .. للتفرغ للدور الامبراطوري الجديد !!

إذن .. استخدام كاسري الاضرابات هو تكتيك قديم استخدمته الرأسمالية عبر مراحل تطورها الحديثة ... و قد درج استخدام هذا المصطلح مع الوقت للدلالة على القوات المرتزقة المستخدمة لفض الاعتصامات و الاضرابات السلمية، سواء كانت عمالية أو سياسية أو حتى طلّابية 

و لو جربّنا اعادة انتاج تعريف "كاسري الاضراب" اليوم نقول بأنهم: مجموعات مرتزقة يتم استجلابها لافشال حركة احتجاجية سياسية أو مطلبية أو عمالية أو طلابية سلمية .. و تتم مواجهة الحراك السلمي باستخدام العنف المباشر بغض النظر عن الشرعية القانونية... أو بالالتفاف على القانون و محاولة شرعنة هذا العنف .. الهدف هو انهاك الحراك و ايقافه

و في هذا السياق .. علينا أن ندقق بما حدث أمام قصر الاتحادية في القاهرة قبل بضعة أيام:ـ
مجموعة من مليشيات الاخوان تقوم بالاعتداء العنيف على معتصمين سلميين أمام القصر الجمهوري، و تم استخدام القوة العنيفة من قبل مجموعة غير "قانونية" تفض الاعتصام بالقوة و تعتقل الناس باسم الشرعية "الثورية" ... بعد رفض اجهزة الدولة التعامل مع المظاهرات السلمية ... لاسباب متعددة و منها التواطؤ ضد الاخوان 

هذا هو الخطاب الاخواني الان بعد امساكهم للسلطة ... و على الجميع مواجهة استعداد تلك الميليشيات استخدام كل اشكال العنف للحفاظ على "السلطة" و تثبيتها ... و تهديد المتظاهرين من قبل الاخوان والسلفيين و التيارات الجهادية على اختلافها علنية .. و على كل المنابر المتوفرة لهم .. و يمكن ايجادها بسهولة

و هنا لن أضع الإجابة ... بل أضع السؤال و برسم الجميع بلا استثناء:
ما هي الطريقة لمواجهة الميليشيات الاخوانية ؟

Saturday, December 08, 2012

بيروت


بيروت .. شبكة معقدة من الطرقات المتشابكة، و الاختصارات .. و التحويلات ... صعودا و هبوطا .. بحرٌ و جبل

عصيّة على القادمين من البلدات و القرى .. فإما هي أو النفي خارج القلب

لعبة الخيارات المفتوحة ... المغلقة

في بيروت .. بخلاف القاهرة .. ضفة واحدة لا ضفاف

على عكس دمشق .. مراكز متعددة تمتد على الشواطئ و القمم  ... لا مركز و قلب واحد ... ثابت و مطلق .. كالحقيقة .. و الياسمين


في بيروت ... طريق جديد كل يوم .. درسي اليومي .. و دهشة الغريب
لا عن المكان .. بل غربة عن عقارب الساعة ... و دهشة من الوجوه الهادئة الصامتة .. في الشوارع و الأزقة .. ووجوه رفاق حفظوا الطرق كلها ... و نسوا بيروت


فراس محادين
بيروت في 8 كانون الأول 2012

Saturday, November 24, 2012

في الأردن ... الأزمة و الحل

في الأردن: أي تحرك لقوى المعارضة الوطنية يرتكز على البعد الداخلي فقط مصيره الفشل ... وبلا أفق 

مواجهة حملة الإفقار المنهجية من قبل حيتان النظام يستدعي بالضرورة مواجهة خيارات النظام السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية برمتها، و على القوى الوطنية الحقيقية بلورة مشروع متكامل ببعده السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي، مشروع يقوم على التالي: ـ

أولا:  اعادة تموضع الأردن سياسيا بما يضمن التخلص من املاءات صندوق النقد و البنك الدوليين، و الانتقال السياسي (دوليا) من المعسكر الأمريكي -الفرنسي-البريطاني الى محور البريكس الذي يتشكل على امتداد العالم بأسره، ما يضمن استقلال الأردن عن الهيمنة الأمريكية ورأس المال المتوحش و شركات النهب العابرة للقارّات

ثانيا: استرداد الثروات و حماية المواطنين من النهب ... و طرح مشروع العدالة الاجتماعية الحقيقية و الاشتراكية العلمية بمفهومها الحقيقي  ... و توسيع القاعدة الاجتماعية الحاملة لهذا المشروع من الغلابة و الكادحين و العمال و المزارعين و الطلاب و النخب السياسية و المثقفين 

ثالثا: استرداد الكرامة الوطنية، و اسقاط معاهدة وادي عربة المذلّة، و هو ما يتوافق مع الوجدان الشعبي في الأردن على امتداد الفئات الشعبية أفقيا و عاموديا، و الانتقال (اقليميا) من معسكر الرجعية العربية "الاعتدال" الى محور مقاومة المشروع الاحتلالي الصهيوني وممانعة المشروع التفتيتي الأمريكي المسمى: الشرق الأوسط الجديد ... 
و التركيز على الهوية الوطنية ببعدها الشامي (بلاد الشام) و عمقها العروبي، المرتكزة على الهوية الثقافية الكنعانية ... و الهوية الحضارية التاريخية الاسلامية و المسيحية على حد سواء 

رابعا: الضغط المتواصل لتحقيق هذا المشروع و فتح ملفات الفساد لاجتثاثه من جذوره، و تحقيق أكبر مشاركة شعبية في الحراك قادرة على تأصيل مفاهيم الثورة الاجتماعية في الوعي الجمعي ... و ذلك هو الضامن الوحيد لاستقرار المجتمع في المستقبل 

خامسا: الوقوف على نفس المسافة من النظام و من القوى الرجعية (الاخوان المسلمين و الجهاد الأمريكي) و بقية القوى العميلة المرتبطة بالسفارات الأمريكية و الفرنسية و البريطانية، و مواجهتهم جميعا بنفس الوقت و بنفس الحزم، لحماية مصالح الشعب بشكل حقيقي، و العبرة لمن اعتبر.. و يكفي النظر لما يحدث لدى الأشقاء، و هنا يحضرني بيت من القصيدة الشهيرة لأبي القاسم الشابي استباقا لردود المتهيبين: ـ

"ومن يتهيب صعود الجبال ... يعش أبَــدَ الدهــر بيــن الحــفرْ"


و في الختام، على الجميع الاعتراف بخطورة الأزمة التي يواجهها الأردن .. الدولة و الكيان و الشعب ...  و الاعتراف هنا يستدعي التشخيص الدقيق للأزمة و مسبباتها ... و البحث عن العلاج .. و الحلول

هامش :  ترتيب النقاط أعلاه غير مهم ... فهذه مهمات وطنية لا يقل أي منها أهمية عن الآخر

اللهم اني قد بلّغت .. اللهم فاشهد

فراس محادين
بيروت - 24 تشرين الثاني 2012

Saturday, November 17, 2012

كلام؟ ـ

صاروخ في قلب العدو .. أبلغ من كل الكلام
فراس محادين
بيروت - تشرين الثاني 2012

Friday, November 09, 2012

ذات شتاء

يحكى أن عصفورا نسي روحه على غصن .. ذات شتاء ..

يبحث عن غصنه .. سيجد روحه مجددا ... للغناء

Canon 60D، Tamaron AF70-300 f4-5.6 (cropped)
روح تنتظر، من تصويري

فراس محادين
بيروت، ٩ تشرين الثاني ٢٠١٢ 

Wednesday, November 07, 2012

أعداء

أنا ضد كل الصهاينة، هم أعدائي .. سواء كانوا يهودا، أم مسيحيون، أم مسلمين

Monday, November 05, 2012

طوبى لمن صعد الجبل

نحن أمّة الجبال ... روح هذه الأمة يحملها المرابضون على المتاريس في قمم الجبال .. لا المدن

أما المدن ... فهي كسل مستحّق لأمة منتصرة .. و في لحظات المعارك، هي خواصر رخوة .... و مقتل

يا أبناء بلادي .. يا سكّان الجبل ... أنتم حماة الروح ... أنتم الوجدان و الذاكرة ..  و الأمل

طوبى لمن صعد الجبل - من تصويري
Canon EOS 650 (35 mm film) - 70-200 mm lens Kodak 200 (expired film)

فراس محادين

بيروت ٥ تشرين الثاني ٢٠١٢ 

Friday, November 02, 2012

نحن

و النار و الزيتون
نحترف الزيتون ...  و لعبة النار
نعشق القدود ... تطربنا .. أما الدلعونة  .. تحطّم ما نحمل .. من  وقار
نعم نرقص ... حتّى الفجر .. كما نقاتل .. دفاعا عن كل شبر و حبة تراب و  شجرة .. و دار 
نقاتل العدو بلا وجل .. جهارا .. نهار 
الذئاب دوننا ... و الأسد ندّ ... و جار 
***
و الكلام ... و التمرّد
نحترف التمرّد ... قبل كل شيء ... قبل الكلام
تعلّمنا الشعر من الجدّات ... و العزّة ... و نبوّة الأحلام
سلاح الجدّ مدرسة ..  و معلّم .. و حسام
الشمس صديقة .. لا التباس ... هو الوئام 
***
و الوجود و القمر .. و الخيال
نحترف الوجود ... حد الابداع  .. القمر نديم .. نحترف الخيال
نطلق الجنون في الحب .. في الحب فقط ... و نقاوم الرمال
الكراهية خجلنا الوحيد ... بلا ندم .. الرجال الرجال
نحن أبناء سوريا .. من ضفاف النهر .. من الوديان .. من الجبال
***

فراس محادين
بيروت - 2 تشرين الثاني 2012




Monday, October 29, 2012

لقطة بالصدفة

يحكى أن عصفورا قرر الاستراحة قليلا ... استقر على كرسي وحيد في حديقة ... حديقة عامة كما كل الحدائق بالنسبة له

صرخ أحدهم: "أكشن!!" ـ

تعجب العصفور و نظر نحو مصدر الصوت ... جسم معدني معلق في الهواء يتحرك نحوه بسرعة ثابته حد النمطية ... اقترب الجسم كثيرا من العصفور ... و حينها .. استطاع العصفور رؤية انعكاسه للمرة الأولى في حياته ... على زجاجة مقعرة في مقدمة الجسم الغريب

لم يكترث العصفور بذلك ... بدأ بالغناء كعادته ... و طار مجددا .. فقد انتهت الاستراحه

فراس محادين
بيروت في 29 تشرين الأول 2012

قصة العصفور الذي فقد ظلّه: عنوان مطوّل

يحكى أن عصفورا فقد ظلّه ... العصفور لم يهتم بذلك ... استمرّ بالطيران و الغناء .. غير آبه

فراس محادين
بيروت 28 تشرين الأول 2102 

Sunday, October 21, 2012

بيروت منذ قليل

بيروت ..

لاشيء فيها سوى الرمادي ...

دعوه وحده ... فالرمادي كما نعرف جميعا .. هو مجرّد حالة مؤقتة .. لا يمكن الفرار منها
بيروت منذ قليل ... الصورة كما هي - من تصويري
Canon 50D, 18-135 mm, Natural light, No Editing
"إن النظرية رمادية اللون, يا صديقي, ولكن شجرة الحياة خضراء إلى الأبد" (لينين - رسائل حول التكتيك، موضوعات نيسان)



فراس محادين

بيروت 21 /تشرين الأول/2012 

مرحلة

عندما يُهزم العدو ... يبدأ بالتصدّع .. و التحلّل .. و التفكّك

مراقبة التصدّعات في هذه المرحلة هو التقاط لتفاصيل هذه الهزيمة، كصورة فوتوغرافية بجودة عالية .. جرى تكبيرها بحجم الحائط

في اللعبة ما يُشعرك بالنشوة ... نشوة الانتصار ... وفيها أيضا .. فرصة لرؤية تحوّل تاريخي بهذا القرب ... لفهم لصيق بجوهر التاريخ و الصراعات بالشكل المجرّد ... و العقل المجرّد

 ما هذه المرحلة؟ يا لكل هذا الكم من الدهشة !ـ

فراس محادين
بيروت - 21/تشرين الأول/2012 

Saturday, October 20, 2012

تانجو .. وحيد

يد واحدة لا تصفّق ... و حرب أهلية من طرف واحد مستحيلة ...كالحب ... تبقى في الحلم .. و "الآمال" الخائبة

و كما يقولون أيضا: لا يمكنك أن ترقص التانجو وحيدا .. الرقصة بحاجة لاثنين .. في كل مرة

بين الحب و الحرب ... ما زال لدي الكثير من التفاؤل ... و قراءة هادئة لضجيج الواقع


جيتاري - من تصويري
Nikon f65 35mm, 28 - 80 mm lens, FUJI 100 film














فراس محادين
20/تشرين الأول/2012

Tuesday, October 16, 2012

مجرد استكشاف

مجرد استكشاف .. لا أكثر

Self portrait, Canon 60D, 18-135 mm lens, Natural lighting, No editing
16  تشرين اللثاني 2012 

Sunday, October 14, 2012

نعم، هي المؤامرة

المؤامرة في سوريا أضحت واضحة الملامح لا شك فيها، سلاح و تدويل ... قتل و خطف و حرق و جريمة منظمّة .. تحالف مباشر مع العدو لا تواطؤ .. تدمير للدولة و المجتمع ... بل وصل الأمر فيهم محاولة شطب التاريخ ... و يجدر التذكير هنا .. فالتاريخ .. لم يهزم أبدا من قبل ... و هو حتما .. المنتصر

المؤامرة .. هي الحقيقة بعينها

ولكن .. و للأسف .. هناك من يتعامى عنها مرة باسم الدين .. و مرة أخرى باسم الحرية ... مرة باسم التقسيم و التخندق الطائفي ... و مرة أخرى باسم العلمانية و المدنية !!

قمة التناقض ... بل ... والصفاقة ؟ ... هل هو العند الأجوف و رفض الاعتراف بالخطأ و التراجع .. أم هو العمالة؟ 

 سؤال ؟!

Monday, October 08, 2012

ثورة! ـ

كل التحولات الكبرى حصلت بسبب إدراك كتلة اجتماعية ما ... بضرورة التغيير في مجرى التاريخ

 بمعنى ... "الضرورة" هي المحرك الأساسي، و الوحيد، لكل التحولات الكبرى ...أي .. لكل الثورات، و يسبقها الإدراك

 و عليه، لم تحدث ثورة عبر التاريخ دون اكتمال شروطها التاريخية: الضرورة، و الكتلة الاجتماعية ... و عند إحداث التحول .. نطلق عليها .. كتلة اجتماعية تاريخية

هل صناديق الاقتراع ضرورة؟ في زمن الأرض فيه محتلّة، و السيادة مسلوبة ... و الأمة محاصرة بكل أشكال الهيمنة و السيطرة و الاختراق؟؟ ... هل صناديق الاقتراع ضرورة لمن يبحث عن لقمة العيش؟؟؟

و لنتحدث عن الكتلة الاجتماعية ... فلنبحث عن كونها "كتلة" متماسكة .. قبل أن نتحدث عن استعدادها للقيام بدور تاريخي !!

 و من ثم .. تتحدثون عن الثورات ؟ و هناك من يزاود برائحة النفط التي تزكم الأنوف؟؟

و هل يصنع تاريخا .. من يجهل تاريخه ؟!!

فراس محادين
بيروت في 8 تشرين الأول، 2012

Friday, October 05, 2012

عود على بدء

عود على بدء: 

في الأردن الاخوان من جهة .. و النظام من جهة اخرى ... يمثلان اجنحة مختلفة داخل الادارة الامريكية ...
***

ملاحظة: 

يمكن الدلاله على تحالف الأخوية المتأسلمة في الأردن مع أمريكا بمستويين:

- المستوى الداخلي، و اللقاءات العلنية و السرية بين الطرفين (ويكيليكس) .. بالاضافة لظهور التيار الأمريكي في الاخوان و تحالفهم مع غلمان السفارة الأمريكية، و الدعم القطري .. الخ، بالتالي على المستوى الداخلي الحديث عن تحالف الاخوان مع الامريكان ليس عبثيا، بل هو جزء من قراءة علمية و موضوعيه، و خطاب الاخوان المتأسلمين أنفسهم فيما يتعلق بالعلاقة مع أمريكا واضح و يمكن تحليلة بسهولة شديدة

- على المستوى الخارجي، عندما نتحدث عن الاخوان نحن نتحدث عن التنظيم العالمي، و انتقال مركزه حديثا من مصر الى تركيا، و اعلان ذلك على الملأ، و بشكل عجيب و متناقض بعد وصول الاخوان المصريين الى السلطة!!! مما يجعلنا نقف و نتفكر و نلاحظ و نحلل مقدار العمالة و الخسة لهؤلاء،  وللعودة للموضوع ... عندما نتحدث عن التحالف الامريكي-الاخواني على مستوى مكتب التنظيم العالمي فهذه أيضا مسألة محسومة، و يمكننا اعتبار مشيخة قطر أكبر دليل 
***
استكمال:

لست بحاجة لمحاولة "اقناع" أي منكم بحقيقة العلاقة بين النظام الأردني و أمريكا ... أعتقد بأن المسألة واضحة حد الفجاجة

و على ذلك يصبح السؤال الحقيقي و البحث الحقيقي هو عن سبب الصراع بين طرفين مرتبطين بنفس المركز!!
***

محاولة للتفسير: 

لا تتاقض الذرة مع ذاتها، و علميا .. لا تتواجد في نقطتين مختلفتين بنفس الوقت، الا عند الحركة بسرعة الضوء

ما هو سبب التناقض بين النظام و الاخوان؟ خصوصا و هي اطراف مرتبطة بنفس المركز، و هنا يتحتم علينا التدقيق أكثر في المركز نفسه
المركز نفسه يعيش لحظة أزمة تفقده القدرة على السيطرة على تناقضاته الداخليه، في أمريكا هناك تصدّع نتيجة للأزمة الاقتصادية و العسكرية و السياسية ... و حتى الاخلاقية

و هذا التصدع سينعكس على الاطراف المرتبطة به بالضرورة، و ما يحدث في الاردن ما هو سوى انعكاس لصراع داخل الاجنحة الأمريكية المختلفة في رؤيتها للمنطقة و للدور الامريكي في المنطقة، و مدى جدوى هذا الدور و امكانية تحمّل التكاليف، و التشكيك في الاستفادة و الانتصار

يجدر التنويه هنا الى هزيمة الجناح الأمريكي-الاخواني في سوريا بعد نجاحه في تونس و مصر، و محاولته المستمرة للتمدد في كل من ليبيا و اليمن ...

و لكن خسارته الاستراتيجية في سوريا ستجعله يخسر كثيرا ... الساحة السورية ستكلف الامريكان  فتح نافذة و فرصة تاريخية لقوى جديدة بالتمدد و التحالف مع شعوب المنطقة، و لهذا السبب .. يحاول التيار الامريكي-الاخواني الضغط  و الاستعجال من أجل اثبات استحقاقه الحصول على الأردن، و تنفيذ الجزء الثاني من مخطط تصفية القضية الفلسطينية

و في المقابل، هناك أجنحة أمريكية تفضل الابقاء على منظومة الحكم الحالية، باعتبار بنية الدولة الاردنية حاليا تسمح باستمرار الهيمنة الأمريكية على المشهد السياسي و الاقتصادي، بالاضافة الى حصول منظومة الحكم على أرضية شعبية لا يستهان بها على أرضيات مختلفة، و منها بشكل رئيسي الخوف من سيناريوهات مشابهة لما حصل في بقية بلدان مؤامرة "الربيع العربي"، خصوصا مع انعدام وجود أطراف اخرى قادرة على تقديم مشاريع آمنة أقرب لمصالحها، فالمشروع المطروح بديلا عن السلطة الحالية هو سيناريو مرعب للمواطن الأردني

نحن اذن نتحدث عن جناح أمريكي يستعجل الذهاب للمرحلة التالية في تصفية القضية الفلسطينية عبر الأردن، و طرف اخر غير متأكد من قدرتهم على تمرير المخطط، و عدم اليقين هذا يجعلهم أكثر ميلا لابقاء الوضع على ما هو عليه، خوفا من مستقبل "غير واضح الملامح" في حالة غياب شكل الدولة في الاردن
***

محصلة: 

نحن نتحدث عن معركة داخلية .. لا تهمنا

 علينا  التركيز على معركتنا الحقيقية، و في جوهرها مواجهة المركز الأمريكي نفسه و ايقاف كل أشكال التبعية و الهيمنة. 
***

أخيرا: 

رجاء عدم الخوض في لعبة الأرقام المضحكة في مسيرة الاخوان، سواء كلام متحدث النظام عن 3 الاف متظاهر!! أو حديث الاخوان عن 100 الف، من الطبيعي للطرفين ممارسة الكذب في لعبة التسابق على العبودية و التبعية!!ـ 

و بعد مشاهدتي للصور و الفيديوهات المتوفرة على الانترنت ... و مشاهدة التغطية الاعلامية الخجولة على المحطات العربية للفعالية الاخوانية "الكبرى"، أقول لكم: 

الرقم الحقيقي لا يتجاوز الـ 10 الاف
***

هتاف: 

تسقط وادي عربة تسقط

هي هي هي هي .. أمريكا راس الحية

Wednesday, September 12, 2012

ستاتوس

سمّوه تطرّفا .. سمّوه ما شئتم ..

فالوقوف على الضفة المقابلة تماما .. حد العداء الكامل .. من أمثال أحمد فتفت و بقية الجوقة .. من العملاء و اتباع السفارات الأمريكية و الصهيونية و الشبكات الاستخبارية المختلفة... هو الموقف الأكثر طهرا .. و انسانية

هو الفراق الكامل ... كضفتان متقابلتان .. لا تلاقي

و اختم بالكليشيه التالي: يا صبّابين الشاي..

Tuesday, June 26, 2012

لقاء


كان يتحدث بثقة شديدة ... و هدوء أيضا .. وصفة مكتملة للجاذبية

حدثها عن "الفتاة من ايبانيما" .. فتاة قدرها أن تمر يوميا أمام مجموعة من المهووسين بالموسيقى ..انتونيو جوبيم و خوان جيلبيرتو و ستان غيتز و غيرهم من رواد الجاز في أمريكا اللاتينية ..

في تلك الأيام .. كانت المجموعة تقف على المنتصف بين سحر السامبا و أضواء الجاز .. التمسك بالارض و الذاكرة في مقابل التحرر و البحث في عمق الموسيقا .. و الانسان


في تلك الأيام .. كانت "الفتاة من ايبانيما" تمر أمامهم يوميا

هم .. أطلقوا تنهيدة جماعية في كل يوم .. 
هي .. قدرها أن تكون جميلة

لم تنظر باتجاههم يوما .. أبقت رأسها مرفوعا دوما .. و هي تعبر شوارع تلك المدينة

***

حدثها عن كل ذلك ... بقايا شعره الأبيض أضافت القليل لجاذبيته .. ابتسم و قال لها: تخيلي مثلا لو قامت تلك الفتاة بالنظر تجاه أحدهم في أحد الأيام؟؟ ربما لحصلت على أغنية باسمها ... أغنية سامبا .. أو أغنية جاز أمريكية ..
و لكن .. و بسبب التنهيدة الجماعية .. ظهرت أغنية "الفتاة من ايبانيما" ... و ظهر بعدها: البوسانوفا

***

قميصه كان عاديّا جدا ... لم يخلو من الأناقة ... و لكنه لا يوحي بمن يحمل كل تلك الثقة .. أو المعرفة بموسيقى البوسانوفا في أمريكا اللاتينية !!

هي تعترف بأن الحكاية سحرتها تماما .. و ربما ستوافق على اقتراحه عليها شراء تلك تلك الاسطوانة 

***
و هذا يعيدنا الى بداية الحكاية .. هي حكاية بسيطة لامرأة تحب الموسيقى .. و تعرف مكانا معينا في المدينة يبيع اسطوانات للموسيقى من مختلف أنحاء العالم .. الهابطة منها .. و الجيدة

كانت تتردد اليه باستمرار و هي تعرف مسبقا ماذا تريد .. تطلب اسطواناتها و تحصل عليها احيانا بشكل فوري .. أو لاحقا بعد بضعة أيام أحيان أخرى

و في بداية الحكاية .. يومها تحديدا .. وصلت للمكان و في مخيلتها أكثر من خيار .. ليس بينها خيار تبحث عنه فعلا!!

يومها .. سألته عما تريد ... اكتشفت أنها تراه للمرة الأولى .. بالرغم من ترددها المستمر على المكان

هو .. شعر بترددها و استغل الفرصة ليقترح عليها نوع جديد من الموسيقى .. اقترح عليها ما يفضلّه .. و ذهب باتجاه "الستيريو" خلفه ووضع أغنية: الفتاة من ايبانيما


***
اسئلة كثيرة تزاحمت اليها .. هي أدركت فورا بأنه استطاع رؤيتها دوما .. و ربما كان يطلق تنهيدة في كل مرة .. أدركت فورا .. بأنها تراه الان
***

أخفض صوت الموسيقى، و اهتم بالزبائن الجدد .. كانوا مجموعة من الشابات و الشبان .. كان يحدثهم بحماس شديد و يحصل على ثقتهم بشكل واضح .. تحدثوا عن الفرق الجديدة .. المحلية و العالمية

هي شعرت في بداية الأمر بأنه يفقد وقاره .. و جاذبيته .. و لكنها تراه الآن .. و تستطيع بسهولة التقاط ذلك الطفل الذي رفض الرحيل .. و بقي مع صاحبه .. ليرحلا سويا .. في وقت لاحق

كانت الابتسامة ملء عينيها عند مغادرة الزبائن ..

هو .. وضع الاسطوانة في كيس مخصص و قال لها: هذه هديتي الأولى .. اتمنى رؤيتك دوما


فراس محادين
بيروت – 25 حزيران 2012


لسماع الأغنية:

 
ملاحظة: وجدت هذا الرابط على موقع "الشرق الأوسط" و قد تم نشره يوم 10/آب/2012 و هو يتحدث عن الاغنية و صاحبتها الجميلة
http://www.aawsat.com/details.asp?section=54&article=690167&issueno=12309

Monday, May 21, 2012

ابتسامة غير مرئية

ابتسامة غير مرئية - من تصويري


اليوم تحديدا .. ابتسم لي البحر!! قررت أن أخبركم و أود أن اقسم على ذلك ... كصبي شاهد سلحفاة تدخل جحرها، أو فراشة تحط على أنف قط استقبلها بتواطؤ و هدوء و دون أن يتحرك لبضع ثواني ... 

هو الربيع .. يعيدني طفلا اكتشف العالم .. كما كل مرة ... كل عام و أنتم و البحر بخير

فراس محادين
بيروت - 20 أيار 2012

Sunday, May 20, 2012

معركة سوريا .. مرة أخرى!ـ




يتحدّث الكثيرون عن معركة سوريا هذه الأيام و عن الاصطفافات لهذا الجانب أو ذاك، أو التذرع بخط "ثالث" لصالح هذا الطرف أو ذاك أيضا، و هنا تجدر الإشارة بأن الانقسام الحاد بين المعسكرين ليس نتيجة  خيارنا نحن، بل هي نتيجة لخيارهم هم، و نذكر جميعا عندما قال رئيسهم بوش الابن:

"إما أن تكون معنا، أو ضدنا، ليس هناك خيار آخر!"

و تم فرض هذا الشرط على جميع المنخرطين بالمعركة في ظرف شعرت فيه الامبريالية بنشوة القوة و العنجهية المطلقة، و صدّق الرجل الأشقر حينها نظرية "السوبرمان – شرطي العالم" استحضارا لنيتشه في أحط تأويل و قراءة ممكنة لما يقول، و بغض النظر عن اتفاقنا أو اختلافنا مع فلسفته ..

اعتقدت الامبريالية بأن العالم سقط أمامها تماما، و قررت التقدم عسكريا الى قلبه و التمدد و فرض الاحتلال المباشر، و عملت على فرض الاستقطاب الحاد تدريجيا عبر دعم الخطاب اليميني الرجعي بكل الأشكال و منها العسكرية. و صغرت الدوائر حتى تحولت لنقاط صغيرة في فوضى غير خلاقة قسمت العالم عاموديا الى خطوط طولية متباينة بين الأبيض و الأسود، و تناقص عدد الخطوط الرمادية، الأمر الذي أوصل العالم لمفترق طرق بين اللونين.

الامبريالية المالية الأمريكية تريد الاستمرار و تمديد الهيمنة و تقوية الشركات متعددة الجنسيات المرتبطة بالمركز الأمريكي ايديولوجيا و اقتصاديا، و حتى عسكريا!! .. و العالم يتململ و  يتوحد في مواجهة هذه الهيمنة، ابتداء من أمريكا الجنوبية مرورا بالصين و روسيا و الهند و ايران وصولا لسوريا، قلب العالم .. و الحركة هنا باتجاه اليسار و بشكل مقصود!!!

و لن نغفل ذكر أحد أهم أسباب صعود الشعوب و تحالفها في مواجهة الامبريالية، و هو المقاومة .. المقاومة العربية البطلة في كل من العراق و لبنان و فلسطين .. المقاومة التي حطمت كل أمل للعدو في السيطرة المطلقة على المنطقة و شعوبها، و خلقت واقعا جديدا .. واقع الانتصار و الصمود و الثبات في الأرض !!!

قدرنا أن نكون قلب العالم ..و القلب يستهدف دائما في المعارك الحاسمة ..  لضمان إصابة أكيدة  و مقتل حتمي!

  و في سوريا، المعركة فاصلة بين مشروع أمريكي يحطم المنطقة و يحوله الى جحيم طائفي لدويلات متناحرة ضعيفة في محيط صهيوني قوي و مسيطر، لضمان خطوط الغاز و النفط و التجارة و السفن و السيطرة على البحار، لاعطاء فرصة لهذه الشركات بأن تقوم بالمزيد من النهب لانقاذ نفسها من الكارثة الاقتصادية و الافلاس و التراجع خارج التاريخ... و بين مشروع الشعوب للاستقلال و الفكاك من هيمنة الشركات متعدية الجنسيات و البحار، و الخلاص من الهيمنة العسكرية للمركز الامبريالي، و مستقبل يضمن استقلال الشعوب و سيادتها ..و حريتها 

هذه هي المعركة باختصار، و لا يخفي أي من هذه الأطراف مشروعه و خطابه. و هنا نقول و بوضوح:
إن الاصطفاف الى جانب المشروع الاصلاحي في سوريا و الانتقال التدريجي في السلطة نحو التعددية عبر حل سياسي و حوار حقيقي و علني بين جميع الأطراف الوطنية الغير مرتبطة بالمشاريع الخارجية، سواء من النظام أو من المعارضة الوطنية هو الضمان الوحيد لاستقرار ووحدة سوريا و أمن شعبها، و استقلالها و سيادتها. و نود التنويه هنا بأن ما نقول هو انعكاس لارادة الأغلبية الساحقة من الشارع السوري... موالين و معارضين


و هنا أخص بالذكر المعارضين الوطنيين الغير مرتبطين بالاجندات الخارجية و هم كثر، و هؤلاء غير منخرطين في لعبة الارهاب و التسليح و الكذب و الفبركة، أما الموالين فقد عبروا عن رأيهم و بالملايين في الشوارع و الساحات و على امتداد سوريا، في احتضان كامل للملايين في ساحة الأمويين في دمشق، و الملايين الذين شاركوا في الاستفتاء على الدستور مرة، و شاركوا بعد ذلك في انتخاب مجلس الشعب بنسبة مشاركة مرتفعة جدا نظرا للظرف الأمني الحرج الذي تمر به الدولة، و بغض النظر عن موافقتنا من عدمها على قانون الانتخاب الحالي، أو على الدستور الجديد .. و لكن هذه هي ارادة الشعب السوري، و نحن نؤيد هذا الخيار الوطني الشريف للعبور بسوريا للتخلص من هذه الأزمة بانتصار الشعب السوري و الحفاظ على سيادته.

نعم، ندين بعض الأفعال للنظام، و نعلن ذلك و دون مواربة!! و في نفس الوقت ندرك بأننا نعيش مرحلة انتقالية تحمل تحول حقيقي، و ندرك بأن هذا التحول لن يحصل بين ليلة و ليلة... و هذا ما أصبح يلاحظه كل الشعب السوري، و بما في ذلك أطياف المعارضة نفسها .. المعارضة الوطنية الشريفة، لا المسلحة المرتبطة بالمشروع الأمريكي و أدواته في المنطقة.

و من كل ذلك ينطلق موقفنا المبدأي الى جانب الدولة السورية، في بعده الخاص لمصلحة أبناء شعبنا في سوريا، و الاقليمي لمصلحة شعوب المنطقة و استقلالها، و ببعده العام لمصلحة شعوب الأرض لبناء مستقبل اخر لا مكان فيه لقطب مسيطر و اطراف تابعين، مستقبل الشعوب و ارادة الانسانية.

و نود التحذيرهنا من أخطر أدوات الامبريالية في معركتها ضد الشعوب، و هي الحركات الأصولية المتطرفة و على رأسها ما يسمى بالقاعدة، حيث عملت الامبريالية على تطوير وحشها حتى وصل لمرحلة انتشر فيها في كل مناطق الصراع الساخنة.

 و بالعودة للتاريخ القريب سنجد بأن القاعدة سخّرت في معركة أمريكا ضد الاتحاد السوفييتي، كما سخّر الامريكان المجموعات الأصولية في معركتها لتحطيم يوغوسلافيا، كما ظهرت  تلك الحركات في العراق بعد الغزو الأمريكي لها، في تحقيق "لنبوءة" الخارجية الأمريكية التي تحدثت عن وجود القاعدة في العراق قبل ظهورها!  و ها هي القاعدة تظهر في اليمن لتحقيق الفوضى الخلاقة بقرب باب المندب في واحدة من أهم المعارك للسيطرة على أحد أخطر الممرات البحرية في العالم.

 و بالعودة لسوريا، تظهر القاعدة فجأة و في اتساق كامل مع المخطط الأمريكي، و بما يسمح لسيناريوهات تدخّل أمريكي في "معركة" ضد الارهاب، و هو ما يمكن أن يفسّر للبعض جدل الحب و الكراهية بين الولايات المتحدة و بين القاعدة، الفرانكشتاين الذي تم صناعته بالاستناد الى القاعدة الأمريكية الأخطر في المنطقة: الخليج المسيطر عليه أمريكيا بالكامل و  المدجج بالأموال والفكر الوهابي الذي يعتبر البيئة الحاضنة الأمثل لخلق هذه الحركات و تمويل و تجنيد الفقراء المسلمين في العالم في هروبهم من العالم الظالم، و للمفارقة .. لمصلحة من قام بصناعة هذا الظلم .. لمصلحة المستعمر الأمريكي .. عبر تجييش الشعوب طائفيا و ازاحة الوعي عن العدو الحقيقي و خلق أعداء وهميين.

و هو ما يفسح المجال للتمدد الأمريكي عسكريا و سياسيا و اقتصاديا، هي تحديدا الفوضى الأمريكية اللا-خلاقة في معركة الامبريالية للحفاظ على البقاء. 

و بالنظر لهذه الصورة يمكننا فهم تصريحات أمريكية قد تبدو متناقضة، و لكنها في جوهرها تعبر عن مشروع واضح الملامح، و أتحدث تحديدا عن التناقض بين تصريحات الصهيوني ماكين (الوكيل الأمريكي للربيع العربي) الذي تحدث بأن الخطر الحقيقي هو ليس في القاعدة، و لكنه في بقاء الرئيس السوري بشار الأسد و عبور هذه الأزمة، و في المقابل هناك تصريحات أمريكية صدرت من قادة عسكريين تتحدث بوضوح عن "القلق و المخاوف" من تزايد نفوذ القاعدة بين الحركات المعارضة المسلحة في سوريا، و في مقابله حديث أمريكي رسمي عن تسليح و دعم المعارضة المسلحة!!!

هذا التناقض قد يبدوا محيرا لوهلة، و لكن بعد القليل من التدقيق سندرك بأننا أمام سيناريو واضح الملامح: دعم الحركات الأصولية المتشددة المسلحة، بما يسمح لخلق فوضى سلاح و قتل و تدمير، بعد أن فشل تحقيق النموذج الليبي الذي يحتاج الى انشقاقات عسكرية كبرى و السيطرة على اليات ثقيلة و مناطق جغرافية واسعة تقتطع من سيطرة الدولة، و بعد أن فشل هذا السيناريو تقرر الذهاب باتجاه النموذج "اليوغوسلافي"، و هو الخطة "باء" لخلق واقع يبرر و يسمح للتواجد العسكري الأطلسي بعد استنزاف المؤسسة العسكرية السورية. 

فشل السيناريو الأمريكي (أو الخطة باء) حتى اللحظة أصبح واضح الملامح، لأن نجاح خطة من هذا النوع بحاجة الى قدرة هذه المجموعات السيطرة على بقع جغرافية محدودة نسبيا تسمح لها بالانتشار و اعادة الانتشار في المدن الرئيسية و تحريك معدات عسكرية من النوع الخفيف و المتوسط.

و من خلال متابعتنا للوضع الميداني يمكننا ملاحظة فشل هذه المجموعات و انعدام قدرتها على تحركات من هذا النوع، و انحصر التحرك بالعمليات الانتحارية و التفخيخ عن بعد، أو بعض الاشتباكات المحدودة الغير قادرة على الصمود أكثر من بضع دقائق، أو ساعات قليلة في أقصى تقدير.

و بالرغم من كون ذلك مبكرا، إلا أنه يمكن اعتبار تلك الهزيمة مدخل لقراءة و فهم نقل التحركات الى الداخل اللبناني في محاولة يائسة منهم لاستدراج حزب الله و القوى الشعبية التي تحتضن المقاومة (و على رأسها الجيش الوطني اللبناني) في معركة داخلية لاشغالها عن التحضير و الاعداد لأي مواجهة محتملة مع الصهاينة، بما يسمح لخلق مناخات من التجييش و التوتر الطائفي كمدخل لحرب أهلية تستنزف القوى الوطنية بمعركة داخلية، و هنا أود التنويه أن مشروع "الحرب الأهلية" بحاجة الى "طرفي صراع" و هو الشرط الغير متوافر في هذه الحالة، و يمكننا الجزم بأن المشروع الأمريكي فشل تماما بالقيام بالاحتواء المزدوج (فتح القنوات و الخطوط السرية مع كل اطراف الصراع)، هم في الحقيقة يتملكون مفاتيح أحد الأطراف فقط، و لا يمتلكون مفاتيح الطرف الاخر، الأمر الذي يجعلنا نجزم بانعدام امكانية الحرب الاهلية، خصوصا و نحن نتحدث عن طرف عنده ما يكفي من الوعي و القدرة على القراءة السياسية لتجنب الوقوع في مطبات من هذا النوع.

و بعد استعراض السيناريوهات المحتملة، فنحن نتحدث عن الخطة "ألف" التي فشلت و بكل وضوح و باعتراف جميع الأطراف، و الخطة "باء" التي تثبت فشلها يوميا، و لم تغير كل "الاشاعات" و "البلبلات" الاعلامية من هذا الواقع.

الامر الذي دفع الرجعية الى التحول باتجاه "حرب المواقع" المعتمدة على المعارك الصغيرة "التكيتيكية" لاستنزاف كل القوى الوطنية الممانعة لمشروع الشرق الاوسط التحطيمي..

 ومن المعروف أن هذا النوع من "العمليات" الأمنية المحدودة يمكن مواجهته سياسيا بالدرجة الأولى، و أمنيا بالدرجة الثانية، و يعتمد هذا النوع من المعارك على القدرة على ضبط النفس  و مواجهة الواقع بهدوء و عقل بارد.

مثل هذه الظروف تحتاج الى قوى قادرة على ادارة هذا النوع من المعارك، و في منطقتنا تحديدا يمكننا القول بأن قوى المقاومة أثبتت قدرتها العالية و جاهزيتها لمواجهة استحقاق اللحظة.

 سواء كانت المقاومة اللبنانية و حلفاؤها الذين أداروا المعركة بحكمة و ذكاء على مدار سنوات طويلة، و خصوصا ما بعد اغتيال الحريري في الـ 2005 و حتى يومنا هذا، و بهدوء و اقتدار شديدين، و ليس عندي أية شكوك حول قدرة القوى الوطنية اللبنانية على التعاطي مع محاولات التصعيد التي تحصل هذه الايام، و التي يقوم بها .. و للمفارقة .. القوى الأصولية المتشددة .. حصان طروادة الخائب حتما!!! فلا يمكن المراهنة على توفر حاضن شعبي لقوى التشدد السلفية الأصولية في بلد مثل لبنان!!ـ

كما نجح السوري في ادارة المعركة خلال أكثر من عام تم تجيير فيه مليارات الدولارات و الاعلام العالمي و كل قوى التجييش و التوتير و و قد اضطر العدو الى حرق كل كروت العملاء تقريبا، و نستطيع القول أن النظام السوري ما زال متماسكا حتى اللحظة، و ما زال الجيش متماسكا و قويا  ويحمل زمام المبادرة على كافة الأرض السورية، بالاضافة للجسور السياسية الاستراتيجية الحليفة الممتدة عبر العالم بأسره.

يمكننا مما سبق استنتاج بأن الخيار المتبقي للمشروع الامريكي-الصهيوني في المنطقة هو استنزاف الجيش العربي السوري و بقية القوى الوطنية، و محاولة خلق واقع من الفوضى يسمح بتدخل دولي في مناخات التدخل الأطلسي العسكري المباشر، و في حالة فشل هذا السيناريو، فنحن نتحدث عن محاولات لاستنزاف طويل المدى تحضيرا لمعركة "لاحقة" بعد اضعاف القوى الوطنية في المنطقة

السؤال الأخطر هنا، ماذا  سيحصل في حال فشل كل من هذه المشاريع؟ هل ستعلن الامبريالية هزيمتها وتتراجع بهدوء خارج التاريخ؟؟؟ أم ستقوم بمغامرة كونية لادخال العالم في حرب عالمية ثالثة تأكل الأخضر و اليابس ؟؟

لا يمكننا الاستهانة بالقوة العسكرية الامريكية و الصهيونية، و في نفس الوقت .. نحن نراهن على ارادة الشعوب قبل كل شيء ... و نحن نعرف ان ارادة الشعب السوري الجبارة كانت حائط الدفاع الأول لحماية سوريا و المنطقة .. و هذا الصمود الاسطوري سيكون حائط الدفاع عن الانسانية برمتها .. و بانتظار ما سيأتي من الأيام


فراس محادين
بيروت - 20 ايار 2012

Tuesday, April 03, 2012

ذاكرة


أهرام القاهرة - من تصويري
 - Nikon f65 35mm, 28 - 80 mm lens, FUJI 100 film
عبرت صباحي كما كل مرة، متأملا بحذر شديد لكل ما يحيط بي .. في طريقي للعمل، و بغض النظر عن الوقت الذي صرفته في المنزل قبل الخروج، سواء كان بضع دقائق عجولة، أم استيقاظ بطئ و شرب القهوة و سماع الموسيقى  ... و بغض النظر عن ذلك ...  في الطريق للعمل هكذا أكون ... أكبر بالعمر مئات السنين، بهدوء و حكمة .. أدقق في التفاصيل ... التفاصيل الصغيرة ... و أبحث عن سكون قد أدركه...

سيارات تمشي في الزحام باستعجال بطئ حد الدهشة .. و حولها تمر العربات يجرها فقراء المدينة، تحمل ما تيسّر .. ذرة مسلوقة، أو مشوية .. فجل و خس .. فراولة .. برتقال .. لوز أخضر .. فول و ترمس ... كل ما يمكن بيعه "موسميّا" .. كل ما يريده الناس ...  و بحسب الموسم .. و الشهية

اسمع أحاديثا في المواصلات .. التذمر اليومي من كل شيء .. التذمر من التذمر .. حكايات الحب القديمة من سائق عجوز  ..  و مغامرات عاطفية من اخر ...أو عن الجار الذي استيقظ مبكرا ذات مرة و صنع "المناقيش" لكل الحي، و قام بإهداء جيرانه ما صنع ... بيتا بيتا، و توفي في اليوم نفسه، في أجمل وداع للحياة على الاطلاق... كأجمل الأحلام

تمر السيارات بنفس البطئ المتعجّل، و الى جانبها الفقراء و عرباتهم غير عابئين بقوانين المدينة ... الاشارة الحمراء لا تعنيهم .. عرباتهم لن تؤذي أحدا على كل الأحوال. هذه العربات، السمة المتشابهة في جنوب العالم، عند رؤيتها تعرف مباشرة انك في الجنوب و لست في بلاد الرجل الأبيض.. هذه العربات هي روح الجنوب .. جنوب العالم .. هي علامة الفقراء و رمزهم الأوحد ..

في القاهرة هناك علامة تميز عربات تلك المدينة تحديدا،  ترصف الأشياء في عربات القاهرة بشكل الهرم .. كل شيء يرصف على شكل الهرم .. البطيخ و البيض و الفستق السوداني و الطماطم و الخيار و كل شيء. في اشارة اعتزاز و فخر بتلك الهوية، بذلك التفوق الذي سبق العالم بالاف السنين ... أهرام الجيزة في مصر العربية و أهرام الازتك في أمريكا اللايتينة صنعت في وقت واحد من تاريخ البشرية .. و كان ذلك قبل الاف السنين .. و في بلاد الرجل الأسمر .. لا الرجل الأبيض ... 

ذلك المشهد وحده يجعلك تدرك أنك في القاهرة، رصف الاشياء في العربات و بالشارع بشكل هرمي، و كأنك تشاهد الأهرام أمام عينيك مباشرة، فتدرك أنك هناك و في ذلك المكان.
عندما تشاهد الهرم خارج القاهرة ستعرف مباشرة بأن القاهرة نفسها زارت هذا المكان...سواء خلال مواطن مصري عبر بفقره من مكان لاخر ... أو اعتراف مباشر من الرجل الأبيض بذلك التفوق و محاولة تقليده في احد المتاحف أو الساحات العامة. و هناك نوع اخر .. المسكوت عنه .. الجماعات السرية التي سرقت الرمز، و هي تدرك بأن الهرم رمز العظمه و تفوق الحضارة الانسانية و هي تعمل على الانتقام من ذلك التفوق بتحطيم الاخر بكل ما تملك من قوة ... و كيف لا .. فقد أثبت الرجل الأسمر بأنه متفوق أخلاقيا و حضاريا، هو أحضر النور الى العالم ... و العلم و المعرفة ... الرجل الأبيض لم يحضر سوى القتل و الجريمة ...  هذا هو الواقع .. هذا تاريخ الانسانية و ليس انطباعاتي الشخصية،  و ربما هو سبب الرغبة الدائمة عند الرجل الأبيض لتحطيم الاخر و تدميره لاستبدال النقص الحاضر في كل لحظة في الوجدان و الذاكرة.. 



الذاكرة .. العربات في القاهرة هي ذاكرة المكان .. هي التمسك بالهوية .. كما هي العربات في كل مدن جنوب العالم .. تحمل ذاكرة المكان .. و غربة الفقراء عن المدينة

في بلاد الجبال ... ترصف الأشياء على العربات كيفما اتفق .. كالجبال .. صدفة الطبيعة الأجمل .. و الأكثر قسوة .. هذه الجبال هي ذاكرة الأرض .. و تلك العربات .. هي الذاكرة المنسية للمدينة

في الطريق للعمل، و بعد تجاهل أحد الأحاديت النمطية و المكررة حد التخمة .. رأيت احدى العربات تحمل مجموعة من أجهزة التلفزيون المكعبة القديمة ... نعم .. هذه تجارة موسمية فعلا .. فحتى تلك العلب البلاستيكية أصبحت موضة قديمة .. و ستذهب بشكل مؤقت لفقراء المدينة .. في دورة جديدة و موسم جديد و اجهزة جديدة !! ـ

نعم .. هذه الأجهزة تخلق ذاكرة جديدة ... لقد أصبحت ذاكرتنا بلاستيكية!!!ـ

أ
فكر بماذا سيحدث بعد مئات السنين (أو ربما العشرات منها) ... و أتخيل أن ما تبقى من البشر على الكوكب سيحاولون دراسة هذه الذاكرة البلاستيكية تحديدا ... العشرات و المئات من الباحثين يدققون في نتاج هذه المرحلة ... أفلام و برامج و أخبار .. مواقع الكترونية عامة و شخصية .. قطع موسيقية ..... محاولات للابداع و اخرى لتضييع الوقت ... ذكريات شخصية ..صور .. و كلمات .. يبحث هؤلاء عن السبب الذي أوصل للكارثة ... في محاولة لاستئصال ذلك السبب من الذاكرة .. و الوجدان .. و للمرة الأخيرة

ربما يبحث هؤلاء في نفس الوقت بشكل يائس عن ما تبقى من الأمس ... لن يحصلوا على رائحة الربيع بالتأكيد ... أو الحنين لحكايات الجدة كما كنّا ... أو الاختباء بحضن العائلة حول المدفأة في يوم شتائي ... كيف تخبر أحدهم عن حنين الخريف و هو لا يعرف الخريف من الأساس ... لقد فاتهم الكثير ... و أنا أشكك بقدرة الذاكرة البلاستيكية على نقل روحنا .. و الهوية
ربما ... سيقرأ أحدهم هذا الكلام حينها... من قبيل الصدفة بالحد الأدنى .. و ربما ... سيبكي ذاك الغريب في تلك اللحظة ... حنينا لماض خسره ... و حزن علينا، نحن من شاهد الكارثة بعينيه  بعجز تام

حينها لن أكون موجودا ... و انقل اعتذاري اليه عبر هذه الكلمات .. و احتضن دموعه.. و اتفهمها تماما ... و ادرك الدهشة المتولدة لديه الان .. فالحكمة و المعرفة هي ما نخسر كلما ابتعدنا عن الطبيعة .. على عكس ما توقع الكثيرون  

من حظنا ان نشهد تلك الأيام الأخيرة .. و من حظنا السيء في نفس الوقت .. أن نشهدها!!ـ

لم يدرك الرجل الأبيض بأن البحث عن الانتقام مثير للشفقة ... فهو ببساطة .. لم يقرأ التاريخ جيدا ... لم يلحظ بأن من بنى تلك الاهرامات و تفوق على البشرية بالالاف السنين .. هو نفسه من حطم تلك الحضارة ... و أبقى على الأهرام لتذكير البشر بما استطاع أن يفعل ...
لم يدرك الرجل الأبيض .. بأن اختفاء الذاكرة للمرحلة الانتقاليه بعد بناء الاهرام لم يكن عبثيا .. أو من باب الصدفة ..  بل كان قرارا حضاريا و انسانيا .. قرره الأزتك و الفراعنة و هم يدركون ما يفعلون .. هم أبناء الشمس .. تجاوزوا بالاف السنين ما يطمح الرجل الأبيض الوصول اليه... هم قرروا العودة للطبيعة .. و تذكير البشرية بالخطيئة الكبرى ... بغرور الانسان العبثي المجنون ... تلك الاهرام لم تكن سوى مقابر.. لاعلان المصير النهائي للبشر ... و هو سر الوجود .. و جوهر الحقيقة ... 

فكرة الخلود تتحول لذاكرة .. و الجسد يتحول لصنم محنط أو مصنوع من الذهب ... الخلود على الأرض هو للذاكرة .. للذاكرة فقط و لا شيء غير ذلك

يحاول الكثيرون التغاضي عن تلك الحقيقة .. و لكنها تبقى ثابتة .. صامدة في وجه التخمينات و التوقعات و الفبركة ..

العربات في القاهرة تحمل الرمز و تعلن الهوية ... و الفقراء يتحدون قانون المدينة .. و يحلمون بالطبيعة و الذاكرة .. كالفقراء في جنوب العالم  .. و في كل مكان .. يراقبون بصمت .. بانتظار الثورة الحقيقية .. للتخلص من غرور الرجل الأبيض .. للتخلص من الهمجية...من القتل ... من الحزن المفروض بالقوة .. من شطب الذاكرة .. للعودة ... للطبيعة

أعبر صباحي  كما كل مرة ... عند وصولي للعمل أعود و أحاول التغيير بالطرق التي اتقنها.. قد ننجح بتأجيل الملحمة الكبرى...و أعتقد أننا نجحنا بذلك الى حد كبير ... و لكن .. حتى اللحظة ... لست متفائلا بأكثر من ذلك ..

أكتب هذه الكلمات من وقت لاخر ... و اتشبث .. بالذاكرة 

فراس محادين
بيروت – 3/نيسان/2012