Saturday, October 26, 2013

ملاحظات حول حروب "الصورة" الأمريكية


  •  تدرك الإدارات الأمريكية المتعاقية أهمية و خطورة "الصورة" ... كأخطر أداة في تشكيل الوعي ... خصوصا في عصرنا هذا
  • تُستخدم الصورة في بعض الأحيان كسلاح للتأثير في "الداخل" (أي الجمهور الأمريكي أحيانا) .. كما تستخدم للتأثير في "العدو" (أي جمهور المنطقة المعادية*)
  • مفهوم الصورة يشمل "الفوتوغرافيا" .. و "الصورة التلفزيونية" .. و "الصورة السينمائية" ... و بالضرورة .. يستمر هذا المفهوم للوصول في المحصلة الى "الصورة اللغوية" .. فاللغة هي أعمق مفاتيح المعرفة ... بل .. جوهر المعرفة الانسانية نفسها
  • ترافقت معظم الحروب الأمريكية مع "صورة" .. أو "مجموعة صور" ... استخدمت كسلاح "فعّال" و مؤثر في هذه الحروب ... و سأضع هنا مجموعة من الأمثلة، لتوضيح "الاستخدامات" المختلفة ... لحروب "الصورة" الأمريكية

1 . صورة "رامبو" الأمريكي .. القاتل ... المنتصر .. وحده .. في رسالة الى جمهور "الداخل"، بعد هزيمة محققة في فييتنام .. لتعويض "الانكسار" النفسي و المعنوي و تخفيف آثار الهزيمة 


كما تم استخدام صورة "رامبو" الأمريكي مرة أخرى ... في "افغانستان" .. و لكنه كان هذه المرة "قائد" لمجموعة من "مقاتلي" الحرية ... لمواجهة "الشيطان" السوفييتي الأحمر ... و هي أيضا رسالة لـ "الداخل" .. لتبرير هذه الحرب و الحصول على التعاطف مع دعم "الميليشيات" الاسلامية المتطرفة في تلك المنطقة !!!


2. صور لمظاهرات "منظمة الطلبة الصربيين (اوتبور) و هي تحاصر البرلمان اليوغوسلافي، بالترافق مع صور المجازر في الغابات الباردة ضد مدنيين عزل، أبادة "عرقية" ... من طرف واحد .. ينفذها بقايا الشيوعية في أوروبا، بعد سقوط الاتحاد السوفييتي ببضع سنوات فقط ! ... لشراء "الصمت" على قصف يوغوسلافيا و تحطيمها، و تقسيمها، ووضع البقايا المتناثرة في يد حلفاء ضعفاء لأمريكا، للحفاظ على أسعار مقبولة في محطات "البنزين" للمستهلكين! ـ



3. تم استخدام "صورة" أبراج مانهاتن ... لتعبئة الرأي العام الأمريكي، و من ثم تبرير غزو أفغانستان، و التواجد العسكري المباشر في قلب خطوط النفط .. على أطراف خطوط الغاز. صورة "قصيرة" المدة لعدوان على الداخل، على الشاشات الأمريكية المختلفة، لخلق أكبر حالة ذعر ممكنة ... من الشيطان "الملتحي" .. هذه المرة .. المدجج بطائرات و مفخخات بحثا عن "الحورية"!!ـ





هذا و يجدر التنويه الى نظرية تم تبنيها من قبل الكثيرين في العالم، من الباحثين و ضباط الاستخبارات السابقين و المحللين .. بأن هذه الصورة "مصنّعة" في الداخل (inside job) بدقة و عناية شديدين، و هي نظرية وجدت طريقها حتى للسينما، و اذكّر هنا بفليم مايكل مور الشهير "فهرنهايت 9/11" ... الذي تحدّث فيه عن تورّط الاستخبارات الأمريكية مع المجموعات الارهابية المسلحة في تلك الحادثة، بالاضافة لافلام أخرى تحدثت عن الـ "controlled demolition" لشرح كيفية انهيار البرجين، و بشكل يتطابق مع كل نظريات "الهدم " العلمية**، التي يتقنها المهندسين في تلك البلاد، عند اضطرارهم هدم الابراج و الأبنية المرتفعة، عند الحاجة لذلك، لبناء مباني أخرى مكانها !ـ
وهنا علينا التدقيق، لأن "الصورة الخاطفة" للعدوان على الداخل، بالصدمة التي تحملها، تشكّل نقطة "تحوّل" حقيقية، من "التحالف" مع "مقاتلي الحرية" الملتحين، و تحوّلهم الى شياطين مجرمة، تمارس العنف و القتل و التفجير .. بشكل عبثي و عشوائي .. دون أي تمييز


4. صورة تمثال الرئيس الشهيد صدام حسين، متلفحا بالعلم الأمريكي، و من ثم اسقاط التمثال مع بعض الخونة من "الكومبارس" لتنفيذ المسرحية ... و لاتمام "الصورة" ... تم نقلها عن محطة "عربية" مشهورة جدا اسمها "الجزيرة" ... لاقناع "الداخل" الأمريكي بأنها حرب "تحرير" الشعب العراقي من الديكتاتورية !!ـ

و النتيجة معروفة للجميع، التواجد العسكري المباشر في أرض غنية بالنفط، الاقتراب من الجائزة الكبرى "ايران"، و السيطرة على خطوط الغاز الجديدة، بالاضافة الى حماية أمن "اسرائيل" .. و هي من أهم "الأولويات" الأمريكية





5. صور فوتوغرافية تم تسريبها من سجن أبو غريب في فترة الاحتلال الأمريكي للعراق، و يلاحظ في هذه الصور المظاهر الحيوانية البشعة، و الشكل "الايقوني" القادر على "التأثير" عميقا في الذاكرة

و سأتوقف قليلا عند هذه الصور، التي ترافق تسريبها مع صور عشرات و مئات التوابيت المغطاة بالعلم الأمريكي، و التي كانت تنتشر بسرعة كبيرة .. و هنا يمكننا فهم هذا التسريب كمحاولة لاستعادة صورة "رامبو" - الكاوبوي .. القاتل... القادر على "اذلال" عدوه ... هربا من "هزيمة" نفسية أصبحت أمرا واقعا لدى جنود المارينز و حالات الانتحار و المصحات النفسية المليئة بهم !ـ

و من يعتمد على صورة كـ "رامبو" .. لا يستغرب منه الاعتماد على صور بهذه الفظاعة و هذا الانحطاط، و لهذا كان من المفيد نشر هذه الصور، و تثيبتها في الوجدان الجمعي للانسانية، لربط الادارة الامريكية بهذا الانحطاط الانخلاقي

و في المقابل، استفادت الولايات المتحدة الأمريكية من "تجميد" صورة المعتقلات الأمريكية في العراق (و حول العالم) .. باعتبارها مراكز للتعذيب ... و في المقابل تم "التعتيم" بالكامل على ما كان يجري في هذه المعتقلات ... من تجنيد الارهابيين و تحوليهم الى قتلة مأجورين و سلاح يمكن توجيهه لضرب كل الدول "المعادية" ـ


6. الصورة الشهيرة لشخص أمريكي يتم قطع رأسه بشكل وحشي في العراق .. و للمفارقة .. وهو يلبس البدلة "البرتقالية"، تماما كـ ضحايا ابو غريب، و تلك الصورة استخدمت داخليا لتبرير صور "ابو غريب" ... بل و شرعنة تلك الصور في الوجدان الأمريكي ... كما عملت على تشويه "المقاومة" لدى جمهور "العدو" .. و تحويلها لمجموعة من الارهابيين، و المجرمين .. و القتلة


7. حرب الصورة في سوريا، حيث استخدمت الولايات المتحدة كل ثقلها، و شغّلت الاعلام العالمي لتوظيف "الصورة" بكل الاشكال الممكنة، ذهابا و ايابا .. ابتزازا و تراجعا ... و من الصور الكثيرة جدا في حرب الصورة الأمريكية على سوريا، سأضع بعض الأمثلة: ـ
- صور "ثوار الربيع العربي" المفبركة و المصنّعة ..
- الى صور القتلى التي كانت العنوان الرئيسي للمرحلة الاولى من الحرب لتبرير هذا العدوان، و التي كانت تهدف "داخليا" لجلب تعاطف الجمهور الأمريكي مع دعم "الملتحين" مرة اخرى !!
كما كانت تهدف لدى "العدو" (نحن) خلق حالة تجييش و انقسام مذهبية و طائفية و اجتماعية
- صورة المجرم آكل القلوب، و التي ظهرت بتوقيت عجيب يترافق مع بداية التراجع الأمريكي، و كأنها شكلت "مبررا" و ذريعة و حجة لهذا التراجع

بالاضافة لغير ذلك من الصورة الكثيرة، و التي كانت تخدم "اللحظات" السياسية و العسكرية المختلفة، و التي احتاجت لأثر نفسي مختلف .. في كل مرة 

  • أود في الملاحظة الأخيرة، التنويه الى الخطورة الحقيقية خلف حروب الصورة الأمريكية، فهي بالاضافة الى كونها من أدوات "الحرب" ... و لكنها في الوقت نفسه تعمل على اعادة انتاج "الوعي" بأكمله، سواء لدى جمهور "الداخل" الأمريكي، أو لدى الفئات المستهدفة الأخرى في العالم، و نلاحظ جميعنا بأن صورة "القتل" و الموت و التنكيل بالجثث قد أصبحت حدثا مقبولا و بشكل يومي .. و قد نجح "الكاوبوي" بنشر ثقافته الاجرامية في العالم بأسره .. الى جانب الوجبات السريعة ... و لكم تخيل مستقبل البشرية .. بعد تحميلها بكل هذه "الصور" .. و انحراف الوعي بشكل قياسي نحو الاجرام ... بالضبط كما كان المجتمع الأمريكي في مرحلة التأسيس لهذه الامبراطورية 

فهل تستطيع الانسانية مواجهة حروب الصورة و اثارها الكارثية طويلة المدى؟؟ كقنابل هيروشيما و ناجازاكي الذرية، ولائحة طويلة بالجرائم .. مرورا بالفوسفور الأبيض في الفلوجة، و لا تنتهي بالكيماوي التركي-السعودي في سوريا؟؟ ! ـ

أم هي النهاية؟ ـ

فراس محادين
بيروت في 26/10/2013


هوامش:

* الشعوب المعادية بالنسبة لأمريكا، هي الشعوب المتواجدة في الدول، و الأماكن و المناطق .. حيث يجب تحقيق المصالح الأمريكية .. بالقوة .. كما دائما

** لمشاهدة فيلم وثائقي عن عمليات "الهدم المبرمج" و ربطها بتدمير أبراج مانهاتن:



Sunday, October 20, 2013

ذاكرة ملتبسة


في كل جيل، هناك حرّاس للذاكرة ... كما هناك ... من يخونها 

و لذلك، قد يبدوا التاريخ ملتبسا، و عند التدقيق ... سندرك بأن هذا الالتباس هو حالة مؤقتة فقط !!ـ

Thursday, October 17, 2013

أمم


خير الأمم .. من يقودها .. خيرها

فراس محادين
بيروت في 17 تشرين الأول (اكتوبر) 2013