Monday, May 21, 2012

ابتسامة غير مرئية

ابتسامة غير مرئية - من تصويري


اليوم تحديدا .. ابتسم لي البحر!! قررت أن أخبركم و أود أن اقسم على ذلك ... كصبي شاهد سلحفاة تدخل جحرها، أو فراشة تحط على أنف قط استقبلها بتواطؤ و هدوء و دون أن يتحرك لبضع ثواني ... 

هو الربيع .. يعيدني طفلا اكتشف العالم .. كما كل مرة ... كل عام و أنتم و البحر بخير

فراس محادين
بيروت - 20 أيار 2012

Sunday, May 20, 2012

معركة سوريا .. مرة أخرى!ـ




يتحدّث الكثيرون عن معركة سوريا هذه الأيام و عن الاصطفافات لهذا الجانب أو ذاك، أو التذرع بخط "ثالث" لصالح هذا الطرف أو ذاك أيضا، و هنا تجدر الإشارة بأن الانقسام الحاد بين المعسكرين ليس نتيجة  خيارنا نحن، بل هي نتيجة لخيارهم هم، و نذكر جميعا عندما قال رئيسهم بوش الابن:

"إما أن تكون معنا، أو ضدنا، ليس هناك خيار آخر!"

و تم فرض هذا الشرط على جميع المنخرطين بالمعركة في ظرف شعرت فيه الامبريالية بنشوة القوة و العنجهية المطلقة، و صدّق الرجل الأشقر حينها نظرية "السوبرمان – شرطي العالم" استحضارا لنيتشه في أحط تأويل و قراءة ممكنة لما يقول، و بغض النظر عن اتفاقنا أو اختلافنا مع فلسفته ..

اعتقدت الامبريالية بأن العالم سقط أمامها تماما، و قررت التقدم عسكريا الى قلبه و التمدد و فرض الاحتلال المباشر، و عملت على فرض الاستقطاب الحاد تدريجيا عبر دعم الخطاب اليميني الرجعي بكل الأشكال و منها العسكرية. و صغرت الدوائر حتى تحولت لنقاط صغيرة في فوضى غير خلاقة قسمت العالم عاموديا الى خطوط طولية متباينة بين الأبيض و الأسود، و تناقص عدد الخطوط الرمادية، الأمر الذي أوصل العالم لمفترق طرق بين اللونين.

الامبريالية المالية الأمريكية تريد الاستمرار و تمديد الهيمنة و تقوية الشركات متعددة الجنسيات المرتبطة بالمركز الأمريكي ايديولوجيا و اقتصاديا، و حتى عسكريا!! .. و العالم يتململ و  يتوحد في مواجهة هذه الهيمنة، ابتداء من أمريكا الجنوبية مرورا بالصين و روسيا و الهند و ايران وصولا لسوريا، قلب العالم .. و الحركة هنا باتجاه اليسار و بشكل مقصود!!!

و لن نغفل ذكر أحد أهم أسباب صعود الشعوب و تحالفها في مواجهة الامبريالية، و هو المقاومة .. المقاومة العربية البطلة في كل من العراق و لبنان و فلسطين .. المقاومة التي حطمت كل أمل للعدو في السيطرة المطلقة على المنطقة و شعوبها، و خلقت واقعا جديدا .. واقع الانتصار و الصمود و الثبات في الأرض !!!

قدرنا أن نكون قلب العالم ..و القلب يستهدف دائما في المعارك الحاسمة ..  لضمان إصابة أكيدة  و مقتل حتمي!

  و في سوريا، المعركة فاصلة بين مشروع أمريكي يحطم المنطقة و يحوله الى جحيم طائفي لدويلات متناحرة ضعيفة في محيط صهيوني قوي و مسيطر، لضمان خطوط الغاز و النفط و التجارة و السفن و السيطرة على البحار، لاعطاء فرصة لهذه الشركات بأن تقوم بالمزيد من النهب لانقاذ نفسها من الكارثة الاقتصادية و الافلاس و التراجع خارج التاريخ... و بين مشروع الشعوب للاستقلال و الفكاك من هيمنة الشركات متعدية الجنسيات و البحار، و الخلاص من الهيمنة العسكرية للمركز الامبريالي، و مستقبل يضمن استقلال الشعوب و سيادتها ..و حريتها 

هذه هي المعركة باختصار، و لا يخفي أي من هذه الأطراف مشروعه و خطابه. و هنا نقول و بوضوح:
إن الاصطفاف الى جانب المشروع الاصلاحي في سوريا و الانتقال التدريجي في السلطة نحو التعددية عبر حل سياسي و حوار حقيقي و علني بين جميع الأطراف الوطنية الغير مرتبطة بالمشاريع الخارجية، سواء من النظام أو من المعارضة الوطنية هو الضمان الوحيد لاستقرار ووحدة سوريا و أمن شعبها، و استقلالها و سيادتها. و نود التنويه هنا بأن ما نقول هو انعكاس لارادة الأغلبية الساحقة من الشارع السوري... موالين و معارضين


و هنا أخص بالذكر المعارضين الوطنيين الغير مرتبطين بالاجندات الخارجية و هم كثر، و هؤلاء غير منخرطين في لعبة الارهاب و التسليح و الكذب و الفبركة، أما الموالين فقد عبروا عن رأيهم و بالملايين في الشوارع و الساحات و على امتداد سوريا، في احتضان كامل للملايين في ساحة الأمويين في دمشق، و الملايين الذين شاركوا في الاستفتاء على الدستور مرة، و شاركوا بعد ذلك في انتخاب مجلس الشعب بنسبة مشاركة مرتفعة جدا نظرا للظرف الأمني الحرج الذي تمر به الدولة، و بغض النظر عن موافقتنا من عدمها على قانون الانتخاب الحالي، أو على الدستور الجديد .. و لكن هذه هي ارادة الشعب السوري، و نحن نؤيد هذا الخيار الوطني الشريف للعبور بسوريا للتخلص من هذه الأزمة بانتصار الشعب السوري و الحفاظ على سيادته.

نعم، ندين بعض الأفعال للنظام، و نعلن ذلك و دون مواربة!! و في نفس الوقت ندرك بأننا نعيش مرحلة انتقالية تحمل تحول حقيقي، و ندرك بأن هذا التحول لن يحصل بين ليلة و ليلة... و هذا ما أصبح يلاحظه كل الشعب السوري، و بما في ذلك أطياف المعارضة نفسها .. المعارضة الوطنية الشريفة، لا المسلحة المرتبطة بالمشروع الأمريكي و أدواته في المنطقة.

و من كل ذلك ينطلق موقفنا المبدأي الى جانب الدولة السورية، في بعده الخاص لمصلحة أبناء شعبنا في سوريا، و الاقليمي لمصلحة شعوب المنطقة و استقلالها، و ببعده العام لمصلحة شعوب الأرض لبناء مستقبل اخر لا مكان فيه لقطب مسيطر و اطراف تابعين، مستقبل الشعوب و ارادة الانسانية.

و نود التحذيرهنا من أخطر أدوات الامبريالية في معركتها ضد الشعوب، و هي الحركات الأصولية المتطرفة و على رأسها ما يسمى بالقاعدة، حيث عملت الامبريالية على تطوير وحشها حتى وصل لمرحلة انتشر فيها في كل مناطق الصراع الساخنة.

 و بالعودة للتاريخ القريب سنجد بأن القاعدة سخّرت في معركة أمريكا ضد الاتحاد السوفييتي، كما سخّر الامريكان المجموعات الأصولية في معركتها لتحطيم يوغوسلافيا، كما ظهرت  تلك الحركات في العراق بعد الغزو الأمريكي لها، في تحقيق "لنبوءة" الخارجية الأمريكية التي تحدثت عن وجود القاعدة في العراق قبل ظهورها!  و ها هي القاعدة تظهر في اليمن لتحقيق الفوضى الخلاقة بقرب باب المندب في واحدة من أهم المعارك للسيطرة على أحد أخطر الممرات البحرية في العالم.

 و بالعودة لسوريا، تظهر القاعدة فجأة و في اتساق كامل مع المخطط الأمريكي، و بما يسمح لسيناريوهات تدخّل أمريكي في "معركة" ضد الارهاب، و هو ما يمكن أن يفسّر للبعض جدل الحب و الكراهية بين الولايات المتحدة و بين القاعدة، الفرانكشتاين الذي تم صناعته بالاستناد الى القاعدة الأمريكية الأخطر في المنطقة: الخليج المسيطر عليه أمريكيا بالكامل و  المدجج بالأموال والفكر الوهابي الذي يعتبر البيئة الحاضنة الأمثل لخلق هذه الحركات و تمويل و تجنيد الفقراء المسلمين في العالم في هروبهم من العالم الظالم، و للمفارقة .. لمصلحة من قام بصناعة هذا الظلم .. لمصلحة المستعمر الأمريكي .. عبر تجييش الشعوب طائفيا و ازاحة الوعي عن العدو الحقيقي و خلق أعداء وهميين.

و هو ما يفسح المجال للتمدد الأمريكي عسكريا و سياسيا و اقتصاديا، هي تحديدا الفوضى الأمريكية اللا-خلاقة في معركة الامبريالية للحفاظ على البقاء. 

و بالنظر لهذه الصورة يمكننا فهم تصريحات أمريكية قد تبدو متناقضة، و لكنها في جوهرها تعبر عن مشروع واضح الملامح، و أتحدث تحديدا عن التناقض بين تصريحات الصهيوني ماكين (الوكيل الأمريكي للربيع العربي) الذي تحدث بأن الخطر الحقيقي هو ليس في القاعدة، و لكنه في بقاء الرئيس السوري بشار الأسد و عبور هذه الأزمة، و في المقابل هناك تصريحات أمريكية صدرت من قادة عسكريين تتحدث بوضوح عن "القلق و المخاوف" من تزايد نفوذ القاعدة بين الحركات المعارضة المسلحة في سوريا، و في مقابله حديث أمريكي رسمي عن تسليح و دعم المعارضة المسلحة!!!

هذا التناقض قد يبدوا محيرا لوهلة، و لكن بعد القليل من التدقيق سندرك بأننا أمام سيناريو واضح الملامح: دعم الحركات الأصولية المتشددة المسلحة، بما يسمح لخلق فوضى سلاح و قتل و تدمير، بعد أن فشل تحقيق النموذج الليبي الذي يحتاج الى انشقاقات عسكرية كبرى و السيطرة على اليات ثقيلة و مناطق جغرافية واسعة تقتطع من سيطرة الدولة، و بعد أن فشل هذا السيناريو تقرر الذهاب باتجاه النموذج "اليوغوسلافي"، و هو الخطة "باء" لخلق واقع يبرر و يسمح للتواجد العسكري الأطلسي بعد استنزاف المؤسسة العسكرية السورية. 

فشل السيناريو الأمريكي (أو الخطة باء) حتى اللحظة أصبح واضح الملامح، لأن نجاح خطة من هذا النوع بحاجة الى قدرة هذه المجموعات السيطرة على بقع جغرافية محدودة نسبيا تسمح لها بالانتشار و اعادة الانتشار في المدن الرئيسية و تحريك معدات عسكرية من النوع الخفيف و المتوسط.

و من خلال متابعتنا للوضع الميداني يمكننا ملاحظة فشل هذه المجموعات و انعدام قدرتها على تحركات من هذا النوع، و انحصر التحرك بالعمليات الانتحارية و التفخيخ عن بعد، أو بعض الاشتباكات المحدودة الغير قادرة على الصمود أكثر من بضع دقائق، أو ساعات قليلة في أقصى تقدير.

و بالرغم من كون ذلك مبكرا، إلا أنه يمكن اعتبار تلك الهزيمة مدخل لقراءة و فهم نقل التحركات الى الداخل اللبناني في محاولة يائسة منهم لاستدراج حزب الله و القوى الشعبية التي تحتضن المقاومة (و على رأسها الجيش الوطني اللبناني) في معركة داخلية لاشغالها عن التحضير و الاعداد لأي مواجهة محتملة مع الصهاينة، بما يسمح لخلق مناخات من التجييش و التوتر الطائفي كمدخل لحرب أهلية تستنزف القوى الوطنية بمعركة داخلية، و هنا أود التنويه أن مشروع "الحرب الأهلية" بحاجة الى "طرفي صراع" و هو الشرط الغير متوافر في هذه الحالة، و يمكننا الجزم بأن المشروع الأمريكي فشل تماما بالقيام بالاحتواء المزدوج (فتح القنوات و الخطوط السرية مع كل اطراف الصراع)، هم في الحقيقة يتملكون مفاتيح أحد الأطراف فقط، و لا يمتلكون مفاتيح الطرف الاخر، الأمر الذي يجعلنا نجزم بانعدام امكانية الحرب الاهلية، خصوصا و نحن نتحدث عن طرف عنده ما يكفي من الوعي و القدرة على القراءة السياسية لتجنب الوقوع في مطبات من هذا النوع.

و بعد استعراض السيناريوهات المحتملة، فنحن نتحدث عن الخطة "ألف" التي فشلت و بكل وضوح و باعتراف جميع الأطراف، و الخطة "باء" التي تثبت فشلها يوميا، و لم تغير كل "الاشاعات" و "البلبلات" الاعلامية من هذا الواقع.

الامر الذي دفع الرجعية الى التحول باتجاه "حرب المواقع" المعتمدة على المعارك الصغيرة "التكيتيكية" لاستنزاف كل القوى الوطنية الممانعة لمشروع الشرق الاوسط التحطيمي..

 ومن المعروف أن هذا النوع من "العمليات" الأمنية المحدودة يمكن مواجهته سياسيا بالدرجة الأولى، و أمنيا بالدرجة الثانية، و يعتمد هذا النوع من المعارك على القدرة على ضبط النفس  و مواجهة الواقع بهدوء و عقل بارد.

مثل هذه الظروف تحتاج الى قوى قادرة على ادارة هذا النوع من المعارك، و في منطقتنا تحديدا يمكننا القول بأن قوى المقاومة أثبتت قدرتها العالية و جاهزيتها لمواجهة استحقاق اللحظة.

 سواء كانت المقاومة اللبنانية و حلفاؤها الذين أداروا المعركة بحكمة و ذكاء على مدار سنوات طويلة، و خصوصا ما بعد اغتيال الحريري في الـ 2005 و حتى يومنا هذا، و بهدوء و اقتدار شديدين، و ليس عندي أية شكوك حول قدرة القوى الوطنية اللبنانية على التعاطي مع محاولات التصعيد التي تحصل هذه الايام، و التي يقوم بها .. و للمفارقة .. القوى الأصولية المتشددة .. حصان طروادة الخائب حتما!!! فلا يمكن المراهنة على توفر حاضن شعبي لقوى التشدد السلفية الأصولية في بلد مثل لبنان!!ـ

كما نجح السوري في ادارة المعركة خلال أكثر من عام تم تجيير فيه مليارات الدولارات و الاعلام العالمي و كل قوى التجييش و التوتير و و قد اضطر العدو الى حرق كل كروت العملاء تقريبا، و نستطيع القول أن النظام السوري ما زال متماسكا حتى اللحظة، و ما زال الجيش متماسكا و قويا  ويحمل زمام المبادرة على كافة الأرض السورية، بالاضافة للجسور السياسية الاستراتيجية الحليفة الممتدة عبر العالم بأسره.

يمكننا مما سبق استنتاج بأن الخيار المتبقي للمشروع الامريكي-الصهيوني في المنطقة هو استنزاف الجيش العربي السوري و بقية القوى الوطنية، و محاولة خلق واقع من الفوضى يسمح بتدخل دولي في مناخات التدخل الأطلسي العسكري المباشر، و في حالة فشل هذا السيناريو، فنحن نتحدث عن محاولات لاستنزاف طويل المدى تحضيرا لمعركة "لاحقة" بعد اضعاف القوى الوطنية في المنطقة

السؤال الأخطر هنا، ماذا  سيحصل في حال فشل كل من هذه المشاريع؟ هل ستعلن الامبريالية هزيمتها وتتراجع بهدوء خارج التاريخ؟؟؟ أم ستقوم بمغامرة كونية لادخال العالم في حرب عالمية ثالثة تأكل الأخضر و اليابس ؟؟

لا يمكننا الاستهانة بالقوة العسكرية الامريكية و الصهيونية، و في نفس الوقت .. نحن نراهن على ارادة الشعوب قبل كل شيء ... و نحن نعرف ان ارادة الشعب السوري الجبارة كانت حائط الدفاع الأول لحماية سوريا و المنطقة .. و هذا الصمود الاسطوري سيكون حائط الدفاع عن الانسانية برمتها .. و بانتظار ما سيأتي من الأيام


فراس محادين
بيروت - 20 ايار 2012