Tuesday, June 26, 2012

لقاء


كان يتحدث بثقة شديدة ... و هدوء أيضا .. وصفة مكتملة للجاذبية

حدثها عن "الفتاة من ايبانيما" .. فتاة قدرها أن تمر يوميا أمام مجموعة من المهووسين بالموسيقى ..انتونيو جوبيم و خوان جيلبيرتو و ستان غيتز و غيرهم من رواد الجاز في أمريكا اللاتينية ..

في تلك الأيام .. كانت المجموعة تقف على المنتصف بين سحر السامبا و أضواء الجاز .. التمسك بالارض و الذاكرة في مقابل التحرر و البحث في عمق الموسيقا .. و الانسان


في تلك الأيام .. كانت "الفتاة من ايبانيما" تمر أمامهم يوميا

هم .. أطلقوا تنهيدة جماعية في كل يوم .. 
هي .. قدرها أن تكون جميلة

لم تنظر باتجاههم يوما .. أبقت رأسها مرفوعا دوما .. و هي تعبر شوارع تلك المدينة

***

حدثها عن كل ذلك ... بقايا شعره الأبيض أضافت القليل لجاذبيته .. ابتسم و قال لها: تخيلي مثلا لو قامت تلك الفتاة بالنظر تجاه أحدهم في أحد الأيام؟؟ ربما لحصلت على أغنية باسمها ... أغنية سامبا .. أو أغنية جاز أمريكية ..
و لكن .. و بسبب التنهيدة الجماعية .. ظهرت أغنية "الفتاة من ايبانيما" ... و ظهر بعدها: البوسانوفا

***

قميصه كان عاديّا جدا ... لم يخلو من الأناقة ... و لكنه لا يوحي بمن يحمل كل تلك الثقة .. أو المعرفة بموسيقى البوسانوفا في أمريكا اللاتينية !!

هي تعترف بأن الحكاية سحرتها تماما .. و ربما ستوافق على اقتراحه عليها شراء تلك تلك الاسطوانة 

***
و هذا يعيدنا الى بداية الحكاية .. هي حكاية بسيطة لامرأة تحب الموسيقى .. و تعرف مكانا معينا في المدينة يبيع اسطوانات للموسيقى من مختلف أنحاء العالم .. الهابطة منها .. و الجيدة

كانت تتردد اليه باستمرار و هي تعرف مسبقا ماذا تريد .. تطلب اسطواناتها و تحصل عليها احيانا بشكل فوري .. أو لاحقا بعد بضعة أيام أحيان أخرى

و في بداية الحكاية .. يومها تحديدا .. وصلت للمكان و في مخيلتها أكثر من خيار .. ليس بينها خيار تبحث عنه فعلا!!

يومها .. سألته عما تريد ... اكتشفت أنها تراه للمرة الأولى .. بالرغم من ترددها المستمر على المكان

هو .. شعر بترددها و استغل الفرصة ليقترح عليها نوع جديد من الموسيقى .. اقترح عليها ما يفضلّه .. و ذهب باتجاه "الستيريو" خلفه ووضع أغنية: الفتاة من ايبانيما


***
اسئلة كثيرة تزاحمت اليها .. هي أدركت فورا بأنه استطاع رؤيتها دوما .. و ربما كان يطلق تنهيدة في كل مرة .. أدركت فورا .. بأنها تراه الان
***

أخفض صوت الموسيقى، و اهتم بالزبائن الجدد .. كانوا مجموعة من الشابات و الشبان .. كان يحدثهم بحماس شديد و يحصل على ثقتهم بشكل واضح .. تحدثوا عن الفرق الجديدة .. المحلية و العالمية

هي شعرت في بداية الأمر بأنه يفقد وقاره .. و جاذبيته .. و لكنها تراه الآن .. و تستطيع بسهولة التقاط ذلك الطفل الذي رفض الرحيل .. و بقي مع صاحبه .. ليرحلا سويا .. في وقت لاحق

كانت الابتسامة ملء عينيها عند مغادرة الزبائن ..

هو .. وضع الاسطوانة في كيس مخصص و قال لها: هذه هديتي الأولى .. اتمنى رؤيتك دوما


فراس محادين
بيروت – 25 حزيران 2012


لسماع الأغنية:

 
ملاحظة: وجدت هذا الرابط على موقع "الشرق الأوسط" و قد تم نشره يوم 10/آب/2012 و هو يتحدث عن الاغنية و صاحبتها الجميلة
http://www.aawsat.com/details.asp?section=54&article=690167&issueno=12309