Thursday, May 12, 2011

أردن منزوع "الهوية" ـ

لفهم ملابسات انضمام الأردن لمجلس التعاون الخليجي يجب النظر ببساطة الى القوى السياسية و الأحداث و طبيعة المتغيرات في المنطقة...

بالنسبة لشبكة العلاقات السياسية في المنطقة فيمكن اختصارها كالاتي:

- ما يسمى بتيار الاعتدال العربي:السعودية (و باقي دول الخليج) – مصر – الأردن، و هو التيار المرتهن تماما للادارة الأمريكية، وهو إما متحالف مع الكيان الصهيوني بشكل علني أو من تحت الطاولة.

- تيار الممانعة: ايران – سوريا – حماس – حزب الله – القوى الشعبية (قومية و يسارية واسلامية ووطنية)، و هو التيار الذي يحاول البحث عن استقلال حقيقي عن التبعية لأمريكا و الكيان الصهيوني.

- تركيا الطامحة لدور اقليمي (كمركز سني) متحالف مع امريكا و الكيان الصهيوني من جهة، وتتحدث من جهة أخرى عن "تحرر" و عن دعمها لحق الشعب العربي في الحرية مع بعض البهارات (انتقادات للكيان الصهيوني و رحلات بحرية الى غزة .. الخ)

و يمكن التحدث عن المتغيرات الأساسية في النقاط التالية:

- الانتفاضة الشعبية في مصر و التغير في رأس السلطة و ما سيصاحبه من تغير في الأداء السياسي و ربما دور مصري جديد في المنطقه

- ما يسمى بالمصالحة الفلسطينية و أثرها على المنطقة

- الأحداث في سوريا

و كما نعرف جميعا، فهناك مخطط أمريكي قديم (متجدد) يسمى بـ "الشرق الأوسط الجديد"، و هو ما بشرت به رايس من قلب بيروت أثناء دك الطائرات الصهيونية للشوارع و البلدات اللبنانية، و لكن الصمود البطولي لحزب الله أفشل ذلك المخطط وقتها، مما استدعى تجديد هذا المخطط تبعا للظروف و المتغيرات، فقد أدى انتصار المقاومة اللبنانية المجيدة و صمود المقاومة الفلسطينية (حماس) ما بعد العدوان الصهيوني على غزة (وما بعد مؤامرة السلطة الفلسطينية عليها) الى اضطرار الادارة الأمريكية للبحث عن بدائل لمواجهة تزايد قوة و تأثير تيار الممانعة في المنطقه الذي توج بنزع الحريري عن رئاسة الوزراء في لبنان، و هو ما استدعى للبحث عن حليف قديم – جديد للعب دور جديد في المنطقة (تركيا).

و في عصر ما بعد الانتفاضة الشعبية في مصر، و البحث عن دور سياسي حقيقي لمصر، و في سياق القلق التركي من هذا الدور، و الذي ربما سيؤدي الى خلق بؤرة للتحرر العربي (خصوصا ان تحالف مع تيار الممانعة) مع الأخذ بعين الاعتبار التجارب السياسية التي يقوم بها المجلس العسكري الحالي في مصر للبحث عن دوره الإقليمي (تمرير البوارج الايرانيه، الضغط على السلطة الفلسطينية و حماس من أجل المصالحة، تفجير انابيب الغاز لوقف التصدير لاسرائيل ... و حتى التفاوض مع دبلوماسيين اسرائيليين ... الخ)، الذي يجبر الادارة الامريكية على البحث عن بدائل.

أما الأحداث في سوريا (بغض النظر عن الموقف منها) .. و لكن، اضعاف النظام السوري يؤدي بالضرورة الى اضعاف تيار الممانعة مما يضع على الطاوله خيار تعزيز دور الحليف الرئيسي للولايات المتحدة (السعودية)، و خلق قطب جديد في المنطقة ليلعب دورا في اعادة ترتيب المنطقة و تمرير ما يسمى بـ "الشرق أوسط الجديد"، و في الحقيقة لا يمكن انكار الدور السعودي كوكيل للولايات المتحدة في المنطقة، و لا يمكن انكار أولوية اسرائيل كصمام أمان أمني لمصالح العم سام في بلادنا...

طبعا على تركيا ان تحدد خياراتها في هذا السياق، إما الذهاب بعيدا و البحث عن تحالف اقليمي مع تيار الممانعة و القوى الجديدة الصاعدة (مصر)، أو البقاء على مسافة واحدة مع الجميع و بحث الخيارات الأمريكية (القديمة الجديدة) لها، و هو ربما ما يحدث الان بالنظر الى الموقف التركي من احداث سوريا، و هنا المسألة تعتمد على الرهان السياسي على الخيارات القابله للصمود و الخيارات القابلة للهزيمة. خصوصا مع المصالحة الفلسطينية التي ربما ستخرج حماس من دائرة الممانعة العربية ... طبعا الجميع ينتظر تطور الأحداث على أكثر من صعيد، و الجميع وضع نفسه في منطقة الرهان السياسي نفسها للحفاظ على خط الرجعة و فتح الأفق أمامه على حسب النتائج المختلفه للوضع السياسي.

و بالتالي، فإن التحركات لخلق دور اقليمي لمجلس التعاون الخليجي في مواجهة ايران في هذه اللحظة السياسية هو بالضرورة من أجل اضعاف تيار الممانعة لتمرير مشروع الشرق الأوسط الجديد، بحيث يكون لاسرائيل الدور العسكري و السياسي الرئيسي (للحفاظ على أمنها)، و ذلك يعني بالضرورة تمكين اسرائيل من حل القضية الفلسطينية من خلال مشروعها المعلن (مشروع الكونفدرالية)، و تحويل المحيط العربي الى كيانات هشه غير قادرة على أخذ زمام المبادرة و القرار السياسي.

و لذلك نقول أن من يحلم ببناء دول ديموقراطية ذات سيادة حقيقية خارج اطار الممانعة هو واهم، لأن المطروح هو الانبطاح للمشروع الأمريكي تماما، و بالتالي أية طموحات لأي مشروع خارج هذا السياق هو وهم أو عمالة.

أردنيا، الانضمام لمجلس التعاون الخليجي يعني بالضرورة الهرب من استحقاقات الاصلاح السياسي و الاقتصادي الحقيقية، و التأكيد على الخيارات الأمريكية، و لكنها هذه المرة تهدد الوجود الأردني نفسه، فمشروع الكونفدرالية يعني انتهاء مشروع الدولة لصالح الارتهان الكامل للمشرووع الامريكي ... وذلك من خلال رمي الهوية التاريخية للدولة بعرض الحائط، و فتح الأردن مرة أخرى لخيار المساعدات الخارجية.

و عليه، فإن الانضمام لمجلس التعاون الخليجي يعني التحرك في اتجاه اضعاف تيار الممانعة، وبالتالي تقوية الخيار الامريكي – الصهيوني، و هو ما سيفتح الباب و سيسهل تمرير المشاريع الصهيونية في المنطقة بلا "ممانعة" ... أي الذهاب مباشرة نحو الكونفدرالية

No comments: